لانسنغ – مع بداية العام 2023، دشّنت الحاكمة غريتشن ويتمر، حقبة سياسية جديدة في ميشيغن، عبر خطاب تنصيبها لولاية ثانية وأخيرة من أربع سنوات، متعهدةً بمواصلة التركيز على «قضايا طاولة المطبخ» والعمل على تطبيق أجندة الديمقراطيين في العديد من الملفات الرئيسية العالقة، بعد اكتساح الحزب الأزرق لجميع السباقات الانتخابية في الخريف الماضي.
وأدت ويتمر، القسم الدستوري صباح الأحد المنصرم، أمام القاضية الجديدة في محكمة ميشيغن العليا، كايرا بولدن، قبل أن تلقي خطاباً أمام ألف شخص احتشدوا قبالة مبنى الكابيتول في لانسنغ، مبشرة بـ«مستقبل زاهر» للولاية، بإعلانها: «إننا نلفت انتباه العالم إلى أن المستقبل سيكون هنا في ميشيغن».
وجددت ويتمر في كلمتها، التأكيد على وعود حملتها الانتخابية بالتركيز على «الاحتياجات الأساسية» للمواطنين خلال السنوات الأربع القادمة، معولة على الأغلبية الديمقراطية في مجلسي الشيوخ والنواب لإنفاذ أجندتها دون معوقات سياسية، لكنها في الوقت نفسه أكدت انفتاحها على التعاون «مع أي شخص يرغب في إنجاز الأمور».
وقالت إن سكان الولاية «يريدون تربية أبنائهم دون كسر البنك، ويريدون حماية قوية لحقوقهم الدستورية، ويريدون قيادات تركز على القضايا الحياتية التي تهمهم». وأضافت: «إنهم يتوقعون منا تجسيد القيم التي يلتزمون بها كل يوم –المثابرة والعرفان– كما أنهم يستحقون حلّالي مشاكل عمليين لإنجاز الأمور».
وكانت الانتخابات الأخيرة قد أسفرت عن سيطرة الديمقراطيين المطلقة على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في ميشيغن، وذلك لأول مرة منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث نال الديمقراطيون أغلبية 56–54 في مجلس نواب الولاية، و20–18 في مجلس الشيوخ، كما احتفظوا بمناصب الحاكمية والادعاء العام وسكريتاريا الولاية، فضلاً عن أغلبية 4–3 في المحكمة العليا.
أجندة ديمقراطية
من شأن التوازنات السياسية الجديدة في لانسنغ، أن تمهد الطريق أمام ويتمر والديمقراطيين لفرض أولوياتهم في العديد من القضايا العالقة، لاسيما وأن الولاية تتمتع بـ«بحبوحة مالية» بفضل فائض الموازنة، ومليارات الدولارات الفدرالية التي تم تخصيصها لميشيغن عبر حزم الإنفاق التي أقرها الكونغرس ووقعها الرئيس جو بايدن خلال العامين الماضيين.
ورغم عدم خوضها في التفاصيل، حضت ويتمر على اتخاذ إجراءات سريعة بشأن بعض القضايا الأكثر إلحاحاً للديمقراطيين، مثل تشديد قوانين حيازة الأسلحة النارية في ميشيغن، وتخفيض كلفة الرعاية الصحية، و«معالجة تغير المناخ من خلال التنمية الاقتصادية الموجهة نحو اقتصاد الطاقة النظيفة».
وقالت: «يجب أن نبذل قصارى جهدنا لخفض التكاليف حتى تكون لدى العائلات أموال أكثر في جيوبها لدفع الفواتير ووضع الطعام على المائدة». وتعهدت «بتنمية اقتصادنا حتى يتمكن كل شخص من اكتساب المهارات اللازمة للحصول على وظيفة جيدة الأجر».
كما تعهدت ويتمر بالعمل على تعزيز الإنفاق على التعليم المدرسي، وجعل ميشيغن مركزاً للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، فضلاً عن إلغاء ضريبة المعاشات التقاعدية للمسنين، والتي كان قد أقرّها سلفها الجمهوري ريك سنايدر عام 2012.
وأوضحت ويتمر أنها ستتناول خططها بشكل أكثر تفصيلاً في خطابها السنوي عن «حال الولاية»، والذي من المقرر أن تلقيه في 25 كانون الثاني (يناير) الجاري، ثم عبر مقترحها لموازنة السنة المالية المقبله، الذي ستميط عنه اللثام في شباط (فبراير) القادم.
وسيمثل خطاب ويتمر المرتقب عن «حال الاتحاد»، عودة لهذا التقليد المتبع منذ عقود طويلة، بعد انقطاع استمر عامين بسبب وباء كورونا، حيث اكتفت ويتمر في العامين 2021 و2022 ببث خطاب مصور، بدلاً من من إلقاء كلمتها في قاعة الكابيتول أمام جلسة مشتركة لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، كما جرت العادة.
وكانت الحاكمة الديمقراطية قد تفوقت على منافستها الجمهورية تودور ديكسون، بفارق 11 نقطة مئوية في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وهو ما أثار التكهنات حول طموحاتها السياسية وإمكانية ترشحها لمناصب فدرالية، إلا أنها صرحت بشكل قاطع أنها ستنهي فترتها الثانية والأخيرة كحاكمة حتى نهاية عام 2026. دون أن تغلق الباب أمام احتمال ترشحها في السباق الرئاسي عام 2028.
وقد حرصت ويتمر في خطاب التنصيب على عدم تناول أي من الأحداث التي طبعت ولايتها الأولى، سواء طريقة تعاملها مع وباء «كوفيد–19» الذي أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص من سكان الولاية، أو محاولة اختطافها من قبل متطرفين يمينيين بزعم انتهاكها للحقوق الدستورية للمواطنين خلال الوباء.
وبالإضافة إلى الخطوط العريضة التي ذكرتها ويتمر في خطابها، أكد مشرعون ديمقراطيون اهتمامهم بتوسيع دعم الإسكان لمحدودي الدخل، وإعادة النظر بقانون «حق العمل» الذي وقعه سنايدر لتجريد النقابات العمالية من بعض صلاحياتها.
وإلى جانب ويتمر، تحدث خلال حفل التنصيب، كل من نائب الحاكمة غارلين غيلكريست وسكرتيرة الولاية جوسلين بنسون والمدعي العام دانا نسل. وقد تقدم الحضور رئيس مجلس نواب الولاية الجديد، الديمقراطي جو تايت (عن ديترويت)، وزعيمة الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السناتور ويني برينكس (عن غراند رابيدز)، وحشد من المسؤولين المنتخبين لكافة المناصب.
وقال غيلكريست إن السنوات الأربع المقبلة هي فرصة «لنظهر حقاً كيف يمكننا كموظفين عموميين استخدام الأدوات والسلطات التي منحنا إياها الناس لتهيئة الظروف المواتية للازدهار والإنصاف».
بدورها، قالت بنسون في كلمتها، إن ميشيغن أصبحت «رائدة وطنياً» في إدارة الانتخابات، في إشارة إلى نجاحها في تنظيم الاستحقاق الدستوري، واصفة نتائج الانتخابات الأخيرة بأنها صفعة بوجه أصحاب نظريات المؤامرة حول تزوير انتخابات 2020.
وتابعت بنسون: «إنهم يسعون إلى إسكات صوتك، لتقليل قدرتك على محاسبة حكومتك»، مضيفة: «أقف أمامكم اليوم بإيمان راسخ بأن كل مواطن يستحق العيش في ولاية يُسمع فيها صوته وتنتصر فيها الحقيقة»، محذرة من «أننا نعيش في عصر المعلومات المضللة».
ومن جانبها، تعهدت نسل في كلمة موجزة ببذل كل ما في وسعها لتمثيل سكان ميشيغن «بعدالة ورحمة وكرامة».
Leave a Reply