مريم شهاب
لمناسبة الأحاديث السائرة والخطب المتبادلة والآراء المتداولة حول موضوع الفيروس المستجد كورونا –أبو عيون جريئة– وأفاعيله في ديارنا وفي معظم الديار الشرقية والغربية، يخطر ببالي أن أحكي لك، أيها القارىء العزيز، حكاية طريفة ومسلية ترمز إلى أحوال الدنيا اليوم، التي قلبها فيروس غير مرئي، رأساً على عقب، وأمر الجميع بالتوقف عن اللهاف الجامح خلف أتفه الأمور.
تقول الحكاية أنه كان في إحدى القرى الطيبة رجل شريف عفيف ذو خلق كريم ووجدان سليم وقلب نقي، كما كان صاحب ظل خفيف وميل إلى الدعابة، ما حمله على معايشة أصدقائه وحثهم على ممازحته و«التقريق» عليه في معظم الأحيان.
في أيام الحرب بين إسرائيل والعرب وتفلت السلاح بين بني عبس وبني ذبيان على أرض جنوب لبنان، وأثناء جولة انتخابية لأحد زعماء الأحزاب لحث الرعية على «عدم الانتحاب» لأنه سوف يفوز بالانتخابات ولا سبيل منه نجاة، تقدم أخونا الكريم ذو الوجدان السليم ووراءه أحد الإخوان البسطاء وقال للزعيم وحاشيته مشيراً إلى صاحبه هذا: السيد فلان عازم على محاربة الأحزاب المئة والعشرين الموجودة في البلد بحزب جديد شديد لإلغاء بقية الأحزاب.
بالطبع في ذلك الزمان، وكما في زماننا اليوم، النفاق وارتكاب الكبائر وانفلات الغرائز البهيمية، كيف تسمح لإنسان بسيط أن يكوّن حزباً لإنقاذ البسطاء مثله من وحوش السلطة وزعماء المال والأعمال وأصحاب النظريات والاحتكار والاستقواء بالسلاح للتنكيل بالعباد والتسلّط والاستعلاء والاغتصاب تحت ما تيسّر من العناوين الطنانة الخادعة.
الآن وقد وقعت الواقعة ودخل الجميع في حيص بيص كورونا التي أتت بما لم يأت به الأولون ولا الآخرون وضاقت الأرض بما رحبت بأهلها وناسها وبلغت القلوب الحناجر، أصبح الخيال حقيقة.
لو قرأتُ ما يحدث في العالم اليوم، قبل شهرين أو ثلاثة لما صدقت أن ذلك ممكن.
ما أحوج الإنسان في هذا الوقت لناقوس كورونا؟
الإنسان بحاجة إلى المشاعر السامية والقلوب الدافئة والنيات الحسنة ولا سبيل إلى ذلك كلّه إلّا بالمحبة والعقل. فبالمحبة تزول الضغائن وتتلاشى أسباب العداء والنزاع بين الناس والأمم.
هذا ما بشَّر به رسول المحبة، المسيح سيّد الحنان والتسامح في تاريخ البشر، هو الذي وصف الله بأنه محبّة وهو قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه: أبانا الذي في السماوات! بمناسبة عيد الفصح المجيد، أتمنى للحبايب جميعاً قيامة مباركة من الظلمة إلى النور.
Leave a Reply