أجواء فريدة وآلاف الزوار حتى ساعات الصباح الأولى
ديربورن – أجواء رمضانية مميزة وغير مسبوقة عاشتها مدينة ديربورن، التي استضافت –هذا العام– للمرة الأولى مهرجانَين رمضانيَين استقطبا خلال ليالي نهاية الأسبوع، عشرات آلاف الزوار من جميع أنحاء ميشيغن وولايات أخرى، لتذوق أطباق السحور والتمتع بالأجواء الاجتماعية والسهر حتى وقت متأخر من الليل.
وقد حظيت فعاليات ديربورن الليلية باهتمام إعلامي ملحوظ ساهم في تسليط الضوء على حيوية المجتمع المحلي ونهضة المدينة التي يشكل المسلمون قرابة نصف سكانها.
وبعد النجاح اللافت الذي حققه مهرجان السحور في رمضان 2022، أضافت بلدية ديربورن، فعالية أخرى ميزت عطل نهاية الأسبوع طيلة الشهر الكريم، بعنوان «ليالي رمضان». وأقيمت الفعالية في قلب الداونتاون الغربي، على امتداد شارع وست فيليدج، حيث تم توفير مساحة عامة للسهر وتجمع عربات الطعام (فود تراك) في ليالي الخميس والجمعة والسبت، مما ساهم في جذب آلاف الزوار وإبراز التطور العمراني والاقتصادي في المنطقة.
كذلك، استأنف «مهرجان السحور» نسخته الرابعة على مساحة تناهز 75 ألف قدم مربع ضمن مواقف مجمع «فيرلين» التجاري خلال ليالي الجمعة والسبت، مع تعديلات جديدة تضمنت نصب وتكييف خيمة عملاقة بمساحة 50 ألف قدم مربع، أقيمت بداخلها كافة الأعمال التسويقية والأنشطة الترفيهية، بينما اصطفت عربات الطعام ضمن منطقة مكشوفة بلغت مساحتها حوالي 25 ألف قدم مربع.
نجاح لافت
رغم أنها تُقام للمرة الأولى، إلا أن فعالية «ليالي رمضان» حققت نجاحاً لافتاً ما دفع أصحاب عربات الطعام والمطاعم والمقاهي المنتشرة بغربي المدينة إلى تمديد ساعات العمل حتى أوقات السحور، في حوالي الساعة الخامسة فجراً.
وتسمح بلدية ديربورن عادة بعمل عربات الطعام في كافة أنحاء المدينة خلال رمضان المبارك، إلى جانب تمديد ساعات العمل في المطاعم والأفران التقليدية إلى ما بعد الساعة الثانية صباحاً.
وأعرب رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود عن سعادته بـ«النجاح الكبير» الذي حققته الليالي الرمضانية، لافتاً إلى أن الفعالية جذبت ما بين 3 إلى 3.5 آلاف شخص في كل ليلة.
ولفت حمود إلى أن ردود الفعل الإيجابية حول فعالية «ليالي رمضان»، شجعت إدارته على تكرار التجربة في الأشهر القادمة، والسماح بتجمّع عربات الطعام خلال بعض الفعاليات الصيفية التي ستشهدها المدينة.
وقال رئيس البلدية: «إننا نبحث عن بعض البائعين المحترفين ومنتجي المأكولات الطازجة، وجمعهم في عربتي طعام أو ثلاثة لجذب المزيد من المارة إلى الأعمال التجارية في المنطقة»، مضيفاً: «سنبدأ بهذه التجربة في الصيف المقبل، وبعد ذلك سنرى كيف نواصل هذا التقليد خلال السنوات اللاحقة».
كما أعرب حمود عن رغبة فريقه في مواصلة مثل هذه الأنشطة التي تزيد من حركة المشاة في منطقة الداونتاون الغربية التي شهدت خلال الأعوام الماضية طفرة عمرانية وتجارية كبيرة. وقال: «من وجهة نظرنا كانت الليالي الرمضانية حدثاً ناجحاً للغاية، واتسمت ردود أفعال الزائرين وأصحاب الأعمال المشاركين وسكان المنطقة بالإيجابية بشكل كبير».
وأضاف حمود: «ما زلنا نتطلع لتلقي التعليقات والآراء من المقيمين وأصحاب الأعمال لنرى كيف يمكننا تحسين وتطوير التجربة في السنوات القادمة».
وضمت «ليالي رمضان» –في نسختها الأولى– حوالي 15 عربة طعام، وعملت على توفير مواقد نار (بون فاير) وطاولات لتناول الطعام، إضافة إلى حجرات منفصلة (إيغلو) للحماية من برودة الطقس، وذلك بغية خلق بيئة حميمة لتمكين الأفراد والعائلات من التمتع بالسهرات الرمضانية مع أصدقائهم وأقاربهم وخلانهم، ضمن ظروف آمنة ومريحة.
وشهد الأسبوع الأخير من الشهر الفضيل زيارة نائب حاكمة ولاية ميشيغن، غارلين غيلكريست وعائلته، لمهرجان «ليالي رمضان» بصحبة ناشر صحيفة «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني، الذي نقل له تحيات المجتمعين العربي والإسلامي في منطقة ديربورن.
وأشار غيلكريست بأن «ليالي رمضان» أكثر من مجرد تجمع لتناول وجبات السحور، لما لها من أهمية في بناء وتمتين الأواصر الاجتماعية.
وأثنى نائب الحاكم على جهود رئيس بلدية ديربورن وطاقمه الإداري في إقامة الفعالية التي من شأنها أن تساعد الأعمال التجارية والمطاعم المحلية على جذب المزيد من الزبائن. وقد أمضى غيلكريست مع زوجته وأبنائه عدة ساعات متجولاً بين المطاعم والمتاجر المنتشرة في أرجاء المنطقة، بما فيها مطعم «غالاتا سويتس»، حيث انضم إليه عدد من المسؤولين المحليين من بينهم رئيس البلدية حمود، وعضو مجلس نواب الولاية العباس فرحات وعضو مفوضية مقاطعة وين سام بيضون.
ردّ الجميل للمجتمع
النسخة الرابعة من «مهرجان السحور» الرمضاني حققت –بدورها– نجاحاً لافتاً مع التعديلات الجديدة التي أدخلت على تصميم وتجهيز المعدات التي تضمنت نصب وتكييف خيمة عملاقة، إلى جانب تزيينها بالأضواء والديكورات الإسلامية، ما أضفى مسحة شرقية على الفعالية التي جذبت آلاف الزوار كل ليلة، بحسب المنظمين.
وضمّ المهرجان حوالي 70 بائعاً للأطعمة والحلويات والمشروبات والبضائع والمطبوعات الإسلامية.
وقال حسن الشامي، مؤسِس مهرجان السحور الرمضاني، بأن النسخة الرابعة من المهرجان كانت «الأكثر نجاحاً» مقارنة بالسنوات السابقة، مشيراً إلى أن الفنادق المحلية غصّت بالنزلاء القادمين من كافة أنحاء أميركا للتمتع بالأجواء الرمضانية في ديربورن، بمن فيهم العديد من نجوم التواصل الاجتماعي.
وقال الشامي إن مهرجان السحور أحدث تأثيراً اقتصادياً «كبيراً» على مدينة ديربورن التي قصدها الكثير من الناس لإنفاق المال والتبضع في أسواقها خلال شهر رمضان المبارك.
وأوضح الشامي بأن إدارة المهرجان تلقت العديد من ردود الفعل «المذهلة» فيما يتعلق بالتنظيم والبنية التحتية والأطعمة والبرامج الترفيهية، والأمن، لافتاً إلى أن عناصر الشرطة والإطفاء كانوا أكثر من سعداء بهذا الحدث، لدرجة أن الكثيرين منهم أحضروا عائلاتهم للتمتع بأجواء المهرجان الساحرة.
وأكد الشامي بأن «العمل الخيري هو أساس المهرجان» الذي قدّم عشرات آلاف الدولارات من العائدات للجمعيات الخيرية المحلية، فضلاً عن تقديم 20 منحة طلابية بالتعاون مع «جامعة لورانس التكنولوجية» بإجمالي 72 ألف دولار، و18 رحلة لأداء العمرة وزيارة المراقد المقدسة بإجمالي 72 ألف دولار أيضاً.
وكانت حفلة الاختتام –السبت الماضي– قد شهدت سحب يانصيب لتوزيع المنح الدراسية ورحلات العمرة (8 رحلات) وزيارة العتبات المقدسة (10 رحلات)، بمرافقة الأناشيد الدينية والعراضات الشامية الفلكلورية. وخلال الحفل، قدم النائب عن مدينة ديربورن في مجلس ميشيغن التشريعي، العباس فرحات، شهادة تقدير لمنظمي المهرجان «كأكبر وأهم مهرجان رمضاني في أميركا الشمالية»، وفقاً لتعبير النائب اللبناني الأصل.
وفي السياق، أفاد الشامي، وهو شريك في ملكية صيدلية «هيلث برو» بمدينة ديربورن هايتس، بأن الهدف من المهرجان لا يقتصر على تنظيم الفعالية واسترداد النفقات، وإنما تحقيق عائدات تكفي لتأمين مساهمات خيرية ذات قيمة، وقال: «بفضل الله تعالى، تمكنا من تحقيق هذا الهدف مرة أخرى هذا العام».
ولدى سؤاله عن استعداده لإقامة النسخة الخامسة من المهرجان، أكد الشامي بأنه مع اقتراب شهر رمضان عشرة أيام باتجاه الشتاء في العام المقبل، فإنه سيبذل قصارى جهده من أجل ضمان استمرارية الفعالية، و«الباقي على الله» بحسب تعبيره.
وأشار إلى أن الهدف الأساسي من مهرجان السحور هو «رد الجميل للمجتمع»، وقال: في عام 2018، عندما رأيت لأول مرة كيف تجذب عربات الطعام حشوداً كبيرة، فكرت في نفسي، كيف يمكننا أن نأخذ فكرة البيع ونبث فيها روح رمضان لكي نرد الجميل لمجتمعنا».
وختم بالقول: «هكذا ولد مهرجان السحور الرمضاني، ولهذا السبب سوف يستمر بعون الله سبحانه وتعالى».
Leave a Reply