تنتشر عادة إطلاق الرصاص في الأعراس على نحو متفاوت في العالم العربي الذي ماتزال بعض بلدانه تكافح من أجل محاربة هذه العادة التي تتسبب في بعض الحالات بتحويل حفلات الخطوبة والزواج إلى مآتم مأساوية. وترقى هذه العادة إلى مستوى الظاهرة في اليمن بسبب انتشار السلاح بين الأهالي الذين يتفاخرون بحمله في جميع الأوقات (حيث قُدرت أعداده قبل 2010 بنحو 60 مليون قطعة سلاح).
وتعتبر الجالية اليمنية من أكثر الجاليات العربية تمسكاً بتقاليدها الاجتماعية والثقافية في بلدان المهجر، ومن بينها الولايات المتحدة، مما يسبب تصادماً بين الثقافة الأصلية والثقافة المضيفة، خاصة لناحية بعض الأعراف والتقاليد الاجتماعية والأسرية، ومن بينها «التخزين» (مضغ القات)، والتباهي بحمل السلاح، وإطلاق الرصاص في المناسبات السعيدة، في بعض الحالات النادرة، مما يسبب إحراجاً لمعظم أبناء الجالية اليمنية التي يحرص نشطاؤها وقياداتها على محاربة بعض السلوكيات السلبية التي لا تنسجم مع الثقافة الأميركية.
تجدر الإشارة إلى أن اليمنيين يواظبون على ارتداء الزي التقليدي في المناسبات الاجتماعية في الوطن الأم، وفي المغتربات، والذي يتضمن تمنطق الرجال بالجنبية (الخنجر اليمني).
وخلال السنوات الأخيرة، بدأت ظاهرة حمل المسدسات بين الشباب اليمنيين الأميركيين، بحسب ما كتب الزميل الصحفي عبد الملك المثيل على صفحته على «فيسبوك»، معتبراً هذه العادة دليلاً على «حماقة بعض اليمنيين الذين تركوا كل الفرص التعليمية وصمموا على تزيين خصورهم بمسدسات لا علاقة لهم بوضعهم الأمني».
وقد جاء منشور المثيل ذاك، في أعقاب حادثة إطلاق رصاص في أحد الأعراس اليمنية في منطقة ديكس بمدينة ديربورن قبل نحو أسبوعين، وقد أثارت تلك الحادثة استياء العديد من أبناء الجالية اليمنية الذين اعتبروا ما حصل مسيئاً لجميع المغتربين اليمنيين.
وفي حديث مع «صدى الوطن»، أكد المثيل على أنه «يجب على جميع اليمنيين في الولايات المتحدة أن يفهموا الاختلاف الثقافي والقانوني بين اليمن وأميركا.. فبعض التصرفات الطائشة يمكن أن تسيء لكامل صورة الجالية التي من مصلحتها التأكيد على التزامها بالقانون والنظم الأميركية».
وأشار إلى أن «لا توجد أية مشكلة حين يحمل بعض الأشخاص أسلحة لحماية أنفسهم من الخطر، فالقانون الأميركي يسمح بحمل السلاح في حال وجود رخص قانونية، ولكن الطامة الكبرى تكمن في أن بعض الشباب اليمنيين باتوا يحرصون على حمل المسدسات من أجل الاستعراض الفارغ، وكأنهم ما زالوا يعيشون في اليمن».
وبخصوص الحادثة المذكورة، أفاد المثيل أنه وبعض الناشطين اليمنيين طلبوا الالتقاء مع شرطة ديربورن «من أجل ترتيب الموضوع، لتعميق التعاون المفيد والمثمر لمصلحة وطننا الأميركي، ثم مدينتنا وجاليتنا».
من جانبه، أدان نائب رئيس «جمعية أغرب» الناشط جهاد الشامي جميع التصرفات المشينة التي لا يتورع بعض الطائشين عن ممارساتها رغم إساءتها الواضحة لكامل الجالية العربية، وليس الجالية اليمنية فقط.
وحذر من الآثار المترتبة على إطلاق الرصاص في الأعراس، وقال «في اليمن تكاد لا توجد منطقة إلا وكان إطلاق الرصاص سبباً في مقتل وجرح بعض الأشخاص، ومثل هذه النتائج غير مقبولة حتى وإن كانت عن طريق الخطأ».
وأكد الشامي أنه عمل مع بعض المتنورين من أبناء قريته (أغرب) في اليمن من أجل مكافحة هذه الظاهرة، وقد نجحوا في ذلك، وأبدى استغرابه من أن تنتقل هذه العادات إلى أميركا التي لا تتساهل فيها الشرطة مع مرتكبي المخالفات القانونية.
نائب رئيس «الجمعية اليمنية الأميركية الخيرية» (يابا) الدكتور بسام علي، عزا بعض الظواهر السلبية إلى قلة التوعية الاجتماعية في مجتمع الجالية اليمنية التي تركز جل اهتمامها على الأحداث السياسية في العالم العربي، وتهمل الجانب التربوي في تنشئة الأجيال الجديدة من الأسر اليمنية في الولايات المتحدة.
وقال: «في العموم فإن دور الشباب اليمنيين محدود داخل مجتمع الجالية التي يسيطر عليها كبار السن الذين لا يمتلكون صورة شاملة عن طبيعة المجتمع والثقافة الأميركية، ولهذا فدائماً ما تحصل بعض الاستعصاءات». وأكد على دور المنظمات والجمعيات والمراكز الدينية في تنشئة الأحداث والشباب، مضيفاً أنه على الرغم من كثرتها وانتشارها في منطقتنا إلا أنها «لا تقوم بأي دور مجتمعي أو تثقيفي من هذا النوع».
Leave a Reply