فيلادلفيا - دخلت هيلاري رودهام كلينتون، سيدة البيت الأبيض والسناتور عن نيويورك ووزيرة الخارجية السابقة، التاريخ من أوسع أبوابه، كأول امرأة تنال ترشيح أحد الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة للرئاسة.
وشددت كلينتون في خطاب قبولها الترشيح مساء الخميس الماضي على ضرورة وحدة الحزب في الاستحقاق الرئاسي، مؤكدة أنها قادرة على إلحاق الهزيمة بدونالد ترامب الذي نال نصيب الأسد من انتقادات وسخرية الديمقراطيين خلال أيام المؤتمر الأربعة.
وتوجهت الى أنصار ساندرز بالقول «لقد سمعتكم.. وقضيتكم هي قضيتنا» ودعت الى الوحدة، ورفع الأجور، وتوفير صفوف الحضانة للأطفال في جميع أنحاء أميركا وتوفير التعليم الجامعي (في الكليات العامة) مجاناً للعائلات متوسطة الدخل، وحماية حقوق الإنسان والمرأة والأقليات والبيئة، والحد من مخاطر التغير المناخي، وخلق فرص عمل جديد عبر انتاج الطاقة النظيفة. وأكدت كلينتون أنها ستكون رئيسة لكل الأميركيين منتقدة بذلك قول ترامب أنه وحده القادر على إصلاح أميركا.
وقالت كلينتون إنها ستعمل على منح الجنسية الأميركية، للمهاجرين الذين يعملون في الولايات المتحدة، مشيره إلى أنها تؤمن بأن التغير المناخي حقيقة، لكي تستطيع أميركا أن تنقذ كوكب الأرض من مخاطره. وأضافت هيلارى كلينتون، فى كلمتها بختام مؤتمر الحزب الديمقراطي أنها ستراقب آلية فصل المال عن السياسة، مشيره إلى إمكانية تعديل الدستور إذا لزم الأمر لمواجهة الأشخاص الذين يستغلون مناصبهم السياسية للكسب غير المشروع.
ونفت كلينتون اتهامها بأنها تسعى الى الغاء التعديل الثاني لكنها أكدت أنها ستعمل على منع وصول السلاح الى المجرمين والارهابيين المحتملين.
خطاب كلينتون توّج مؤتمر الحزب الذي خيمت عليه أجواء الانقسام الحاد بين أنصارها وأنصار منافسها بيرني ساندرز الذي بذل جهوداً حثيثة على مدى أيام المؤتمر لامتصاص غضب وخيبة أنصاره الذين تظاهروا في الشوارع المحيطة بمركز المؤتمر احتجاجاً على ترشيح كلينتون، لاسيما بعد انكشاف تحيّز رئيسة الحزب الديمقراطي لصالح كلينتون بحسب ما كشف موقع «ويكيليكس» عشية انعقاد المؤتمر الذي عمته الفوضى في يومه الافتتاحي.
وجاء إقرار ترشيح كلينتون بعد أن شهد اليوم الأول للمؤتمر إطلاق أنصار عضو مجلس الشيوخ بيرني ساندرز المنافس السابق لكلينتون صيحات استهجان وتهكم عندما حثهم ساندرز على دعم كلينتون.
وبذل مسؤولو الحزب مساعي لتهدئة التوترات وسط احتجاج في قاعة انعقاد المؤتمر.
وحصلت كلينتون على أكثر من العدد المطلوب من أصوات المندوبين لنيل الترشح. وفي بادرة رمزية على وحدة الحزب الديمقراطي، أخذ بيرني ساندرز المنافس السابق لكلينتون في سباق الترشح للرئاسة مكبر الصوت لوقف القواعد الإجرائية وإعلان كلينتون مرشحة الحزب بالتزكية قبل أن ينسحب من قاعة المؤتمر.
وأعلنت رئيسة اللجنة الوطنية بالحزب الديمقراطي وعضوة الكونغرس مارسيا فادج قبول المقترح بعد التصويت بالإجماع لتنطلق هتافات الحشود فرحا وهم يرفعون لافتات جديدة لكلينتون. وعكرت الاعتراضات وصيحات الاستهجان التي أطلقها مؤيدو ساندرز فعاليات اليوم الأول من مؤتمر الحزب الديمقراطي، مما دفع ساندز إلى تهدئة المحتجين بإرسال رسالة نصية ورسالة بالبريد الإلكتروني لمؤيديه يدعوهم فيها إلى الالتزام بالهدوء.
وألقى ساندرز بعد ذلك كلمة في نهاية الليلة الأولى وأكد لأنصاره بشكل مباشر أن «هيلاري كلينتون يجب أن تصبح الرئيسة المقبلة للولايات المتحدة».
وكانت كلينتون لعبت الدور نفسه قبل ثماني سنوات حينما أعلنت دعمها للمرشح الديمقراطي آنذاك والرئيس الحالي باراك أوباما بعد أن خسرت المنافسة في الانتخابات التمهيدية، وساهمت بذلك في توحيد صفوف الحزب.
غير أن خطابات ألقتها شخصيات ديمقراطية بارزة (الرئيس أوباما وزوجته وبيل كلينتون وآخرون) ساهمت في التئام الجراح الحزبية، لتتواصل أعمال المؤتمر بسلاسة في ظل مشاركة كثيفة للأقليات ولاسيما من الأفارقة واللاتينيين وسط دعوات للتوحد ضد «عدو أميركا»، دونالد ترامب.
وجاء انعقاد المؤتمر بعد فضيحة فجرّها «ويكيليكس» بتسريبه 20 ألف رسالة الكترونية للحزب الديمقراطي تؤكد عمله ضد ساندرز لصالح كلينتون، ومحاولة طمس الفضيحة بوصفها «مؤامرة روسية»، تحدث موقع «بوليتيكو» عن فضيحة أخرى تتعلق بالتبرعات للحزب التي لم تذهب للولايات بل لصالح «مؤسسة كلينتون».
وسط ذلك، لا تزال ترددات فضائح بريد كلينتون خلال توليها رئاسة الديبلوماسية الأميركية قيد تحقيقٍ لم ينته بعد اعادة فتحه من قبل وزارة الخارجية نفسها بقيادة جون كيري.
هذا واعتذرت لجنة المؤتمر العام للحزب الديمقراطي، لسيناتور ولاية فيرمونت بيرني ساندرز الاثنين، بعد فضيحة تسريبات لرسائل إلكترونية متبادلة بين بعض أعضاء الحزب الديمقراطي تتناول خططا لمنع ساندرز من الفوز بالترشيح.
وأعلن الحزب في بيان رسمي له تقديمه «لاعتذار عميق وصادق» للسناتور ساندرز ولداعميه، على أثر تصريحات «لا تُغتفر» أدت الى استقالة رئيسة الحزب الديمقراطي ديبي واسرمان شولتز.
كاين نائباً لكلينتون
وأعلن السناتور تيم كاين مساء الأربعاء الماضي قبوله رسميا ترشيح الحزب الديمقراطي له نائبا لكلينتون في سباق الرئاسة نحو البيت الأبيض.
وقال إنه «حارب في فرجينيا من أجل توفير حياة أفضل للمواطنين، تتضمن توفير فرص عمل للجميع».
وأكد السناتور المحسوب على يمين الحزب الديمقراطي (نقيض التيار الذي يمثله ساندرز داخل الحزب) على أهمية فرض قوانين «أكثر صرامة» على الأسلحة النارية مثلما فعل في فرجينيا بعد حادث إطلاق النار بمعهد فرجينيا التقني عام 2007. وانضم سناتور فيرجينيا، والذي يتحدث الإسبانية أيضا، إلى تجمع حاشد لكلينتون في فلوريدا حيث استعان ببعض العبارات الإسبانية في كلمة ألقاها وركزت على تقديم نفسه إلى الناخبين الذين لا يعرفونه.
وأثنى كاين على ساندرز، قائلاً «إننا نشعر جميعا بالأثر الكبير الذي أحدثه ساندرز، وأنه يجب علينا الحذر من المرشح الآخر».
شغل كاين ثلاثة مناصب سياسية كبيرة: حاكم ولاية فرجينيا 2006-2010، رئيس الحزب الديمقراطي 2009-2011، وعضو مجلس الشيوخ الأميركي من عام 2013 حتى اليوم.
وكان صعوده السياسي نظامياً ومُمنهجاً، فقد ذهب من مجلس المدينة (1995-1998) لرئيس بلدية ريتشموند (1998-2001) لنائب الحاكم (2002-2006) إلى حاكم. قبل دخوله معترك السياسة كان كاتباً في محكمة استئناف الدائرة الحادية عشرة بالولايات المتحدة، وبعد ذلك محاضراً في كلية الحقوق جامعة ريتشموند.
في ثمانينيات القرن الماضي حصل على إجازة من دراسته في كلية الحقوق جامعة هارفارد لقضاء بعض الوقت مُبشراً مسيحياً في الهندوراس. وبينما كان هناك تعلم النجارة والحدادة.
وبفضل الوقت الذي أمضاه في هندراوس أصبح كاين يتكلم الإسبانية بطلاقة. وبعد فوزه بمقعده في مجلس الشيوخ عام 2012 أصبح أول عضو بمجلس الشيوخ الأميركي يُلقي خطاباً من مجلس الشيوخ بالإسبانية.
برنامج الحزب الديمقراطي
بعدما دعا انصاره الى الاعتراف بهزيمته والتصويت لهيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية بحلول تشرين الثاني المقبل، اكد بيرني ساندرز أن حملته سمحت بالتوصل الى «البرنامج الاكثر تقدمية في تاريخ الحزب الديمقراطي». البرنامج الذي تبنى شعار «أقوى معاً»، يدين عدم التكافؤ مشيرا الى أن واحداً بالمئة من السكان يمتلكون ثروة الولايات المتحدة. هذا التعبير استعاره الحزب من حركة «احتلوا وول ستريت» وكرره بيرني ساندرز طوال حملته.
استخدم الديمقراطيون مفردات قاسية تذكر بخطب السناتور عن فيرمونت ووعدوا «بمكافحة طمع وانعدام ضمير وول ستريت الذي يستغل ثقة الجمهور»، في فقرة تغذيها تبعات الازمة المالية التي حدثت في 2008.
يقول البرنامج ان «الديمقراطيين سيدعمون اكثر القوانين صرامة وفرض عقوبات مدنية على المخالفين في وول ستريت الذين يستغلون ثقة الناس».
كما دعا الديمقراطيون الى إلغاء لجان العمل السياسي (سوبر باك) التي تدعم المرشحين ويمكنها الاستفادة من هبات غير محددة من الاموال الخاصة.
ورحب الحزب الديمقراطي «بالضوء الأخضر التاريخي» الذي صدر عن المحكمة العليا للولايات المتحدة في حزيران (يونيو) 2015 بالسماح بالزواج بين المثليين، ويدعو الى «مواصلة العمل» ضد التمييز.
يؤكد الحزب ان العمل من اجل ضمان حقوق مجموعات المثليين والسحاقيات والمتحولين جنسياً يجب أن يكون من مهمات السياسة الخارجية الاميركية.
كما استعار الحزب شعار حركة «حياة السود مهمة» ليقول بوضوح «إن حياة السود مهمة وإنه لا مكان للعنصرية في بلدنا».
ويؤكد الديمقراطيون ان «التغير المناخي خطر ملح وأحد اكبر تحديات عصرنا».
كما أكد ساندرز امام أنصاره في فيلادلفيا انه هو ومنافسته السابقة «اجتمعا حول توجه سيحدث ثورة في التعليم العالي في أميركا».
ويوضح برنامج الحزب أن «الديمقراطيين متحدون في قناعتهم العميقة بأن حق كل طالب ان يتابع دراساته العليا بدون اقتراض» وأن العائلات العاملة يجب الا يكون عليها تكبد رسوم التعليم العالي.
وأورد البرنامج أنه «مع مقتل 33 الف اميركي كل سنة» بأسلحة نارية، «يرى الديمقراطيون أنه حان الوقت لتبني اجراءات مناسبة لمكافحة العنف الذي يرتكب بالأسلحة النارية»، خصوصاً عبر تعزيز عمليات مراقبة أصحاب السوابق الذين يقومون بشراء السلاح واصدار قوانين للحد من بيع «أسلحة حربية» مثل البندقيات الرشاشة.
ومني بيرني ساندرز بهزيمة نكراء في ملف التجارة لانه لم يتمكن من ادراج إدانة اتفاقية التبادل الحر لدول المحيط الهادئ (نافتا) بشكل واضح، وهو الموقف الذي كرره طوال حملته. وتلقى اتفاقية «نافتا» دعم هيلاري كلينتون ومعارضة ترامب الذي يهدد بإلغائها.
أما الديمقراطيون فاكتفوا في برنامجهم بالتأكيد على أنهم سيعارضون كل اتفاق يرون أنه لن يسمح «بتأمين وظائف اميركية جديدة أو بزيادة الاجور أو بتحسين أمننا القومي».
Leave a Reply