أقامت بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة معرضاً عن مدينة جبيل اللبنانية تحت عنوان «بيبلوس– حيث وُلد التاريخ»، تضمن لوحات عن تاريخ وآثار المدينة المعروفة دولياً باختراعها لأول أبجدية في التاريخ.
وحضر المعرض –الذي افتتح في 25 نيسان (مايو) الماضي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك –بإشراف الجامعة اللبنانية –الأميركية– وفد من رئاسة بلدية جبيل، التي تمكنت خلال العقد الأخير من تحقيق مشاريع سياحية وتنموية متعددة أعادت المدينة التاريخية إلى الصدارة العربية والدولية، حيث اختيرت من قبل الجامعة العربية «عاصمة السياحة العربية» في 2016.
وكان ضمن الوفد البلدي، رئيس البلدية زياد حوّاط ومسؤولة العلاقات الثقافية والاجتماعية نجوى باسيل، اللذين جالا على عدد من المدن الأميركية، من بينها ديربورن، للقاء الفعاليات الاغترابية وتشجعيها على الاستثمار والمشاركة في تطوير المدينة اللبنانية التي حصدت جوائز عالمية في مجال السياحة والتنظيم المدني، بحسب حوّاط.
نموذج يحتذى
حوّاط أكد لـ«صدى الوطن» على هامش زيارته مدينة ديربورن أن معرض «بيبلوس–حيث ولد التاريخ» كان مناسبة عالمية بامتياز «لنقل الصورة الحقيقية والناصعة عن اللبنانيين ولبنان»، «بلد الإبداع والثقافة والحضارة والفن والعيش المشترك»، وهي المواضيع التي جسدتها لوحات المعرض الـ25.
وأشار إلى أن 32 سفيراً عربياً وأجنبياً حضروا المعرض، مما شكل فرصة أكبر «لترويج المدينة التي يمتد عمرها إلى أكثر من 7 آلاف سنة، والتي تعاقبت عليها حضارات غنية»، مؤكداً أن نجاح البعثة اللبنانية في إيصال الرسائل المرجوة حول «حرص جبيل على العيش المشترك وامتلاكها لرؤية مستقبلية تختلف تماماً عن الواقع اللبناني المأزوم».
وأضاف «لقد نجحنا منذ تولينا رئاسة البلدية في 2010 باستثمار تاريخ المدينة عبر رؤى وبرامج سياحية وثقافية واقتصادية وإنمائية وطنية، في استقطاب أكبر عدد ممكن من السياح العرب والأجانب، إضافة إلى اللبنانيين المقيمين والمغتربين، كما نجحنا في دمج الشباب الجبيلي في المجتمع بعيداً عن التوترات الطائفية والسياسية».
وأكد أن البلدية استطاعت أن تصنع من المدينة «نموذجاً يحتذى.. نريد لكامل لبنان أن يكون على قياسه، كون جبيل مدينة فيها تعايش حقيقي وفيها تنصهر الحضارات المسيحية والإسلامية المتعاقبة، إضافة إلى تنوع مكوناتها، وغنى مجتمعها بالطاقات الشابة المتحمسة لبناء دولة مدنية عادلة تضمن الحقوق لكافة مواطنيها».
رؤية واضحة
وحول تمكن البلدية من تجاوز الأوضاع البيروقراطية والتغلب على سياسات المحاصصة في لبنان، قال حوّاط «لقد نحيّنا الخلافات السياسية جانباً واهتممنا بتشكيل فريق عمل متضامن ومتوافق حول مشروع ورؤية واحدة، وقد أثبتت التجربة أننا كنا على الطريق الصحيح، حيث نجحنا في إبراز تاريخ المدينة العريق حتى صارت قبلة اللبنانيين والعرب والأجانب».
من جانبها، أكدت عضو رئاسة البلدية نجوى باسيل على قدرة المدينة في «تقديم نموذج بالتنمية المحلية، وأن البلديات يمكنها أن تحدث فروقاً في الإدارة والتطوير»، وقالت «خلال سنوات قليلة نجحنا في البلدية من تحقيق مشاريع عجزت الدولة اللبنانية عن تحقيقها خلال خمسين عاماً».
وأضافت «لقد حاز نجاحنا على اعتراف الجميع، حتى أنه خلال الانتخابات البلدية الأخيرة لم تتشكل أية لائحة انتخابية بمواجهتنا لأن معظم الناس يدركون قيمة إنجازاتنا».
وأشارت باسيل إلى أن مدينة جبيل نالت جوائز عربية وعالمية كانت من بينها جائزة في التنظيم المدني من مدينة برشلونة الإسبانية، إضافة إلى نيلها جائزة ثاني «أجمل شجرة عيد ميلاد في العالم» (2014)، كما اختيرت في العام نفسه بين أجمل المدن السياحية في العالم من قبل الأمم المتحدة، وسميت في 2016 «عاصمة السياحة العربية» من قبل جامعة الدول العربية. وأكدت أن المشاريع السياحية والاستثمارية والبرامج الثقافية والاجتماعية –التي شكلت صلب الرؤية لدى البلدية– ساهمت في زيادة الدخل التجاري للمدينة بمقدار 35 بالمئة خلال السنوات الست الأخيرة مما عكس نمواً اقتصادياً واجتماعياً ملحوظاً.
انتفاضة
حوّاط كشف لـ«صدى الوطن» أن البلدية استطاعت عبر الجهود والمثابرة الحثيثة من تحقيق معظم الخطط التنموية من «خلال المبادرات الفردية واستثمارات القطاع الخاص، وبدون أي مساعدة من الدولة اللبنانية»، مضيفاً أن «الدولة حتى لا تعطينا كامل مستحقاتنا، وهذه مشكلة».
وانتقد الخلافات السياسية في لبنان التي تعتبر السبب الرئيسي في إعاقة نهضة البلد، وفقاً لحوّاط الذي أضاف «بسبب لبنان الخاضع للمحاصصة وصلنا إلى هذا الدرك.. نحن ضد هذا اللبنان، نحن مجموعة من الشباب الذين قرروا القيام بانتفاضة سلمية بيضاء، وقررنا العمل –عبر الأفعال لا الكلام– من أجل تطوير مدينتنا، وقد نجحنا بذلك، باعتراف الجميع، في لبنان وخارجه».
Leave a Reply