اجتمع عشرات الناشطين اللبنانيين الأميركيين في منطقة ديترويت مساء الاثنين الماضي، تضامناً مع رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري وتنديداً بـ«التدخلات السعودية السافرة» و«تهديدها لأمن واستقرار اللبنانيين»، وذلك على خلفية الاستقالة المفاجئة لرئيس الحكومة اللبنانية من العاصمة السعودية، الرياض، وإبقائه فيها «محتجزاً» وسط ظروف غامضة ومعلومات متضاربة.
واستنكر المجتمعون في «النادي اللبناني الأميركي» بمدينة ديربورن –في بيان تلاه الزميل الصحفي علي منصور– «الطريقة البربرية» التي تعاملت فيها المملكة السعودية مع رئيس الحكومة اللبنانية، وحمّلها مسؤولية «تعرّض لبنان لأي اعتداء خارجي».
وجاء اللقاء الذي دعا إليه الناشطون، بعد مرور أسبوع على استقالة الحريري الغامضة، تأكيداً على تضامن الجالية اللبنانية مع أبناء الوطن الأم في التفافهم غير المسبوق حول هذه القضية الوطنية بامتياز.
وأكد البيان بأن المغتربين اللبنانيين يعتبرون «السلم الأهلي والاستقرار الداخلي بشقيه الأمني والاقتصادي من المسلمات الوطنية ومن الخطوط الحمر الممنوع تخطيها من أي طرف داخلي أو خارجي»، مشدداً على أن «تهديد لبنان واللعب بأمنه واستسهال التطاول على مسؤوليه الرسميين… هو أمر مرفوض ومدان».
وحمّل البيان المملكة السعودية، المسؤولية الكاملة في حال تعرض لبنان لاعتداء خارجي، كما حمّلها مسؤولية افتعال الأزمة الحكومية المتمثلة بالضغط على رئيس الحكومة سعد الحريري، و«إجباره على تقديم استقالته» في مخالفة فادحة للدستور اللبناني والأعراف والقوانين الدولية.
وفي إشارة إلى المقابلة التلفزيونية التي أجراها الحريري مع الإعلامية بولا يعقوبيان في اليوم السابق للتجمع في «النادي اللبناني»، اعتبر البيان «أن الظهور الإعلامي الأخير للرئيس الحريري لم ولن يغير من الطريقة البربرية التي تعاملت بها السعودية مع رئيس حكومتنا ولن يبدل صورة الاعتداء السافر على سيادة واستقلال لبنان وعلى كرامه شعبه».
كما أثنى البيان على موقفي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري «اللذين تصدّيا لهذه المؤامرة المفضوحة بمسؤولية وطنية وأبوية».
ووصف منصور تحرك الجالية اللبنانية بأنه يأتي «استكمالاً لما بدأه فخامة الرئيس من حملة دبلوماسية دولية من أجل إعادة الأمور إلى نصابها وتحييد لبنان عن المعارك والصراعات الإقليمية».
ودعا البيان جميع اللبنانيين في مختلف أنحاء العالم وفي الولايات المتحدة الأميركية، على وجه الخصوص، إلى «التحرك سلمياً –ووفقاً للقوانين المرعية– من أجل إيصال صوتهم الرافض للتدخل السعودي المزعزع لأمن لبنان ولسلمه الأهلي»، كما دعاهم «إلى الاستفادة من الحقوق الممنوحة لهم واستغلالها بما يخدم لبنان ويبعد عنه شرّ أهل الغدر والنفاق».
كرامة لبنان
من جانبه، أدان ناشر «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني السياسات السعودية التي لا تفوّت فرصة وإلا وتستغلها في إثارة المشاكل والقلاقل التي تزعزع الأمن والسلام في المنطقة العربية، وقال «إننا نتفهم قلق المملكة من سقوط صاروخ باليستي على أحد مطاراتها.. نحن لا نقبل أن يقصف أي مطار في العالم، ولكن ماذا عن الـ87 ألف غارة التي شنها السعوديون على اليمن والتي دمرت البشر والحجر».
وتساءل «هل مطلوب منا أن نتغاضى عن هذه الحقائق.. وكأن اليمني هو ابن الجارية والسعودي هو ابن الست؟».
وعلّق السبلاني على تقرير نشرته وكالة «رويترز» أشار إلى أن السعودية تخطط لشن حصار اقتصادي على لبنان كما تفعل مع قطر.
وقال إن القطريين يقدر عددهم بمئات الآلاف وقطر هي أحد أكبر مصدري الغاز في العالم، و«لبنان ليس عنده غاز ولا بترول، ولكن عنده كرامة تكفي لتوزيعها على العالم كله».
وأكد السبلاني أن لبنان لن يكون فريسة سهلة للسعوديين، وقال «لبنان ليس مثل قطر، لبنان فيه رجال قادرون على صد أي تهديد، ولا يقبلون مقايضة كرامتهم بأي شيء»، و«على السعوديين أن يدركوا أن هناك شعوباً لا تقبل الإهانة، مهما كان الثمن».
وفي سياق آخر، شجب السبلاني محاولات البعض استجرار الانقسامات الطائفية التي تمزق المنطقة العربية إلى الجالية «لاسيما في مواسم الانتخابات»، وقال «أي واحد بدو يفرقنا بالسني والشيعي بدنا نكون ضده.. ونحنا واقفين مع سعد الحريري مش لأنه سني ومش لأنه مسلم.. بس لأنه مظلوم ولأنه أولاً وأخيراً رئيس حكومة لبنان». أضاف “نحنا واقفين معه من هيدا المنطلق.. نحنا ما بنوقف مع السيد حسن نصر الله أو مع حزب الله لأنهم شيعة.. بنوقف معهم ونبارك لهم لأنهم قوة مقاومة قهرت إسرائيل واستردت أرضنا وعرضنا وكرامتنا وشرفنا.. لبنان عنده كرامة بتتوزع على العالم كله وهيدا المقاومة اللبنانية اللي ركعت أكبر جيش بالمنطقة.. ما بيهمها تهديد واحد.. بعدو ولد مراهق”، في إشارة إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وشدد «نحن لا نقول هذا الكلام من فراغ، ولا نخاف من ترديد ذلك على جميع المنابر، وباللغتين العربية والإنكليزية، وأعود وأكرر إن محاولات تقسيمنا طائفياً في أميركا لن تنجح، وستبقى خطاً أحمر».
واعتبر الناشط زهير علوية أن المقابلة المتلفزة الأخيرة لرئيس الحكومة سعد الحريري هي محاولة من السعوديين لذر الرماد في العيون، وقال «هذه المقابلة لن تخدع أحداً، ولن نسمح لأحد أن يتعدى على كرامتنا الوطنية»، مؤكداً أن لبنان مرة أخرى «يعطي العالم بأجمعه دروساً في الكرامة والوطنية».
Leave a Reply