المحكمة الأميركية العليا أجازت التطبيق الكامل لقرار ترامب
قضت المحكمة العليا الأميركية في الخامس من شهر كانون الأول (ديسمبر) 2017 بتنفيذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحظر السفر، وبشكل كامل، من ست دول ذات أغلبية مسلمة رغم استمرار طعون قضائية ضده في محاكم أقل درجة.
قرار المحكمة العليا بالموافقة على النسخة الثالثة من حظر السفر الذي أصدره ترامب، شكّل خيبة لكثير من الأوساط الحقوقية والقضائية والسياسية في الولايات المتحدة، ووقع كالصاعقة على آلاف العائلات الأميركية المتقدمة بطلبات للم شمل أسرهم المهجرة من البلدان المشمولة بالحظر والتي تفتك فيها الحروب والصراعات المسلحة في سوريا واليمن وليبيا والصومال، وهي الدول التي شملها القرار إضافة إلى إيران وتشاد وكوريا الشمالية.
قرار محبوك وقاس
ويسمح قرار المحكمة العليا بالتنفيذ الكامل للحظر على مواطني الدول الآنفة الذكر، بعدما عدّلت إدارة ترامب قرار منع السفر بطريقة وصفها المحامي العربي الأميركي محمد الشرنوبي بـ«المحبوكة بعناية وذكاء بحيث تجعل من الصعب الطعن بها.. وهو ما دفع المحكمة الدستورية العليا إلى الإقرار بأنه لا يجوز وقف قرار الرئيس».
وكانت محاكم فدرالية أدنى قد علقت جزئياً قرارات الحظر المتتالية التي أصدرها ترامب، وأمرت بالسماح للأشخاص الذين يتمتعون بعلاقة وطيدة مع مواطنين ومؤسسات أميركية بالقدوم إلى الولايات المتحدة سواء للإقامة أو العمل أو الدراسة. غير أن قرار المحكمة العليا الشهر الماضي أجاز التطبيق الشامل للقرار، الذي يحرم الأسر من لمّ الشمل، وكذلك الأفراد من استقدام أزواجهم من البلدان المحظورة.
وقال المحامي المصري الأصل: «لقد تم بالفعل تطبيق المنع على مواطني تلك الدول، وشهدنا خلال الشهر الماضي تنفيذ الأمر بصورة قاسية على مواطنين يمنيين وسوريين وليبيين كانوا قد حصلوا –في وقت سابق– على تأشيرات دخول (فيزا) للولايات المتحدة وتم إلغاؤها بعد صدور قرار المحكمة العليا مباشرة»، مؤكداً أنه «برغم اشتمال أمر الحظر على بعض الاستثناءات، إلا أن السفارات الأميركية طبقت القرار بدون رحمة على المتقدمين بطلبات الهجرة ولم الشمل بدون أن تعير أي اهتمام لتلك الاستثناءات».
وكان قرار ترامب قد أوصى باستثناء الأفراد الذين قد يتعرضون «للضرر والمعاناة»، والسماح لهم بتقديم التماس (وايفر) لاستكمال معاملاتهم، بحسب ما أكد الشرنوبي الذي يدير مكاتب محاماة للهجرة في ديربورن وستيرلنغ هايتس وفارمنغتون هيلز، مستدركاً بالقول «لكن السفارات الأميركية لم تمتثل لتلك الاستثناءات، فعلى سبيل المثال قامت السفارة الأميركية لدى جيبوتي بإلغاء تأشيرات الدخول لمئات اليمنيين، كما قامت السفارات الأميركية في دول أخرى بتوقيف مئات معاملات الهجرة القانونية»، لكون المتقدمين بها من رعايا الدول المحظورة.
ووصف الشرنوبي إلغاء التأشيرات بأنها «إهدار لحقوق المواطنين الأميركيين بلم شمل أسرهم، بحسب ما تنص قوانين الهجرة»، كما وصف امتناع المؤسسات الأميركية ذات العلاقة عن إعادة رسوم المعاملات وتكاليفها بـ«النصب على الناس».
قصص محزنة
في لقاء مع «صدى الوطن»، أورد المحامي الحائز على شهادة الماجستير من جامعة «ميشيغن ستايت» في لانسنغ، أمثلة عن بعض الحالات التي يتولى الدفاع عنها، وقال «لدينا قضية لمواطن أميركي من أصل يمني لديه ثلاثة أبناء من زوجة متوفاة، وكان قد قام بالسفر إلى اليمن والزواج من امرأة أخرى لكي تساعده في تربية الأولاد والاعتناء بهم، وخلال الشهور الماضية قمنا بعمل حثيث من أجل تسريع معاملة استقدام الزوجة التي أنجبت طفلاً رابعاً للعائلة، ولكن موافقة المحكمة العليا على قرار الرئيس تسببت بتوقيف معاملة الأسرة التي فقدت كل أمل في لم شمل أفرادها».
أضاف «لدينا قضية أخرى لشاب سوري مقيم في السعودية، وقع الاختيار عليه عن طريق القرعة فيما يعرف ببرنامج «هجرة التنوع أو الهجرة العشوائية» (اللوتري)، وبعد منحه التأشيرة تقدم بالاستقالة من عمله، ولكنه فوجئ لاحقاً بإلغاء فيزا الدخول».
وتابع الشرنوبي بالقول «هذان المثالان يعطيان صورة عن المتضررين من القرار الرئاسي، فالعائلة اليمنية باتت تعاني من التشتت والتمزق، والشاب السوري خسر كل شيء.. خسر عمله وإقامته في المملكة وكذلك خسر فرصة الهجرة إلى أميركا».
قرار مفتوح
الشرنوبي الذي هاجر إلى الولايات المتحدة في 2001، أكد أن سريان قرار الحظر الرئاسي غير مرتبط بمدى زمني معين، مما يجعل الكثير من الناس في حيرة من أمرهم، مشيراً إلى أنه من الناحية النظرية يمكن للمواطنين الأميركيين الاستمرار بالتقدم بطلبات استقدام لعائلاتهم وأقاربهم، ولكن «النتيجة غير مضمونة.. إلا إذا تم تعديل القرار أو إلغاؤه في مستقبل الأيام»، مؤكداً على «القسوة غير المسبوقة من قبل الإدارة الأميركية الحالية وإجحافها بحقوق المواطنين الأميركيين وحقوق عائلاتهم».
وأشار الشرنوبي إلى أنه من غير المحتمل أن تقوم إدارة الرئيس ترامب بإعادة النظر في قرار الحظر، وقال «لا يوجد أي مؤشر حالياً على تغيير القرار أو تعديله فإدارة الرئيس صاغت الأمر التنفيذي بطريقة ذكية وحازمة وأوردت بعض الاستثناءات التي تتجاهلها السفارات الأميركية بكل أسف».
ماذا عن الحماية المؤقتة؟
وفيما يخص المقيمين في الولايات المتحدة بموجب «الحماية المؤقتة» (تي بي أس)، أشار الشرنوبي إلى أنه لم يصدر حتى الآن قرار بتمديد فترة «الحماية المؤقتة» للسوريين التي تنتهي في 31 آذار (مارس) القادم، متوقعاً عدم تجديد المهلة، وقال «يوجد حوالي 6 آلاف سوري مستفيدين من برنامج الحماية المؤقتة في الولايات المتحدة، وهؤلاء جميعاً قد يصبحون عرضة للترحيل في حال عدم التمديد».
كما تستمر «الحماية المؤقتة» للمقيمين اليمنيين على الأراضي الأميركية حتى ٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٨.
أما بالنسبة للاجئين في الولايات المتحدة من الدول التي يشملها قرار الحظر، فقد أكد الشرنوبي «أنه وبعد إصدار القرار الرئاسي فإن الأولوية باتت للمضطهدين دينياً»، مضيفاً «بالطبع.. لا يخفى على أحد من هم المعنيون بالمضطهدين دينياً في دول ذات أغلبية إسلامية!».
وحث الشرنوبي الجاليتين العربية والإسلامية على رفع دعوى جماعية أمام المحاكم الأميركية وعدم انتظار المؤسسات الحقوقية والمدنية لتحصيل الحقوق الدستورية للعرب والمسلمين الأميركيين، وقال «علينا أن نبادر بدون تلكؤ وألا ننتظر من الآخرين الدفاع عنا». وأكد «هذه مسألة حاسمة وينبغي عدم التهاون بها».
Leave a Reply