التكلفة 2 تريليون دولار .. والتمويل من رفع الضرائب على الشركات
بيتسبرغ
كشف الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء الماضي، عن تفاصيل خطته المُقترحة بقيمة 2 تريليون دولار لتحديث البنية التحتية والتحول إلى اقتصاد صديق للبيئة على مدى السنوات الثماني المقبلة.
وشدد بايدن خلال خطاب ألقاه في مدينة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا، على أن خطته ترمي إلى مواجهة خطر تغير المناخ ودعم الاقتصاد الأميركي الذي توقع له أن ينمو بنسبة تتجاوز 6 بالمئة خلال الفترة القادمة.
وتدعو خطة الرئيس الديمقراطي إلى الاستثمار في الطرقات والجسور والمطارات وشبكة الإنترنت والسيارات الكهربائية والرعاية الصحية، في مسعى لدعم الوظائف عبر التركيز على تحديث البنية التحتية والتوجه للاقتصاد الأخضر، من خلال رفع ضرائب الشركات من 21 بالمئة إلى 28 بالمئة وإنهاء الإعفاءات الضريبية الفدرالية لشركات النفط والفحم الحجري.
وشدد بايدن على ضرورة اللجوء لوسائل نقل صديقة للبيئة وإنتاج الطاقة المتجددة، لافتاً إلى أن الخطة ستقدم «حوافز للعائلات الأميركية في حال استخدامها للسيارات الكهربائية».
كما أشار إلى أن خطته ستوفر «مياه شرب نقية للأطفال لحمايتهم من تلوث المياه»، وستخفض أسعار الإنترنت للعائلات الأميركية.
وعن أهمية الخطة، قال بايدن إنها ستتيح للولايات المتحدة «الفوز في المنافسة العالمية مع الصين»، لاسيما وأنها ستعمل على توفير «ملايين الوظائف بعوائد جيدة» للأميركيين.
وعن تمويل الخطة عبر زيادة ضرائب الشركات، لفت الرئيس الأميركي خلال حديثه إلى أن التخفيضات الضريبية التي أقرها سلفه دونالد ترامب قبل أربع سنوات، لم يستفد منها سوى «أثرياء البلاد» وأن «شركات كبرى مثل أمازون لا تدفع ما يتوجب عليها من ضرائب»، مكرراً تعهده الانتخابي بأن إدارته لن تزيد «الضرائب على من يقل دخلهم عن 400 ألف دولار سنوياً».
كما أشاد الرئيس الديمقراطي في كلمته بالنقابات العمالية «التي بنت الطبقة الوسطى في بلادنا»، موضحاً أن «الطبقة الوسطى هي التي شيّدت أميركا وليس وول ستريت». وتابع: «اقتصادنا أصبح غير متوازن وحان الوقت لإصلاح هذا الوضع» موضحاً أن خطته الجديدة تتضمن تحديث البنية التحتية للنقل، ومن ضمنها نحو 20 ألف ميل من الطرقات المتهالكة في مختلف أنحاء البلاد.
وشدد بايدن على أن «الانقسام الحزبي يجب ألا يعرقل خطتي لإصلاح البنى التحتية في الولايات المتحدة»، داعياً المشرعين لإقرار خطته التي ستخضع لمراجعة أعضاء الكونغرس.
غير أن زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي سارع إلى إعلان معارضة حزبه للمقترح. وقال السناتور ميتش ماكونيل في تصريحات للصحفيين بالكونغرس: «خطة البيت الأبيض المعلنة مؤخراً بقيمة تريليوني دولار لن تتلقى الدعم من جانبنا».
وأوضح ماكونيل أن الجمهوريين تعهدوا أيضاً بمعارضة الأجندة العامة للديمقراطيين تحت إدارة بايدن، معتبراً أن هذه التوجهات خاطئة بالنسبة للولايات المتحدة.
ويحتاج الرئيس الأميركي لموافقة 10 جمهوريين على الأقل على مقترحه للبنية التحتية من أجل تمريره في مجلس الشيوخ حيث هامش الغالبية التي يتمتع بها الديمقراطيون ضيق للغاية.
من جانبه، قال وزير النقل، بيت بوتيجيدج: «أعتقد أننا أمام فرصة استثنائية لنيل تأييد الحزبين» و«إظهار توجه جريء على صعيد البنى التحتية».
وتابع: «لا يحتاج الأميركيون لأن نشرح لهم أن البنى التحتية تستدعي تحركنا، وفي الحقيقة لا يمكن فصل البعد المناخي» عن هذا الملف.
غير أن الانتقادات للخطة جاءت أيضاً من جانب الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي. إذ قالت النائبة ألكسندرا أوكاسيو كورتيز، إن الحزمة «يجب أن تكون أكبر بكثير».
أما السناتور الجمهوري، جون باراسو، فوصف الخطة بأنها «حصان طروادة لمزيد من الإنفاق الليبرالي والزيادات الضريبية».
وإلى جانب الجمهوريين، عارضت مجموعات أعمال بارزة، مثل غرفة التجارة الأميركية، الخطة، لا سيما فيما يتعلق بالزيادات الضريبية المقترحة، إذ يرون أنها ستضر بالاستثمار الأميركي والقدرة التنافسية العالمية.
أبرز ملامح الخطة
حول تفاصيل الخطة الاستثمارية الضخمة الممتدة لثماني سنوات، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، إن الرئيس يعتبر أن دوره يقتضي «عرض رؤية شاملة وجريئة لكيفية الاستثمار في أميركا، في العمال الأميركيين وفي مجتمعاتنا المحلية».
جزء كبير من خطة الإنفاق الضخمة موجه إلى «البنية التحتية الخضراء» وخلق فرص العمل، ويقول البيت الأبيض إن 40 بالمئة من فوائد استثماراته في المناخ والبنية التحتية النظيفة ستذهب إلى المجتمعات الأكثر احتياجاً.
وتخصص الخطة 50 مليار دولار لتحسين القدرة على الصمود أمام تغير المناخ، وترى إدارة بايدن أن تحديث المنازل والبنية التحتية العامة سيوفر مليارات الدولارات من الأضرار الناجمة عن الكوارث المناخية.
القدرة على مواجهة الكوارث ستوفر أيضاً حماية للشبكات الكهربائية والبنية التحتية الحضرية والمستشفيات في المجتمعات الأكثر عرضة للفيضانات والظواهر الجوية الصعبة.
يغطي إصلاح البنية التحتية أيضاً، الحماية من حرائق الغابات وارتفاع مستوى سطح البحر والأعاصير والجفاف ودعم سلامة السدود.
وستخصص الخطة 35 مليار دولار لتكنولوجيا الطاقة النظيفة، وطرق جديدة للحد من الانبعاثات وغيرها من البحوث المناخية واسعة النطاق.
وترمي الخطة أيضاً إلى ضخ 620 مليار دولار لتحديث شبكة النقل في البلاد، تشمل 32 ألف كلم من الطرقات، وإصلاح آلاف الجسور ومضاعفة التمويل الفدرالي للنقل المشترك.
وتشمل هذه المخصصات 115 مليار دولار لتجديد الطرقات السريعة، و20 مليار دولار لتحسين السلامة المرورية، بما في ذلك لراكبي الدراجات والمشاة، و85 مليار دولار لتحديث أنظمة النقل الحالية ومساعدة الوكالات على التوسع لتلبية طلب الركاب، وستضاعف الاستثمار في التمويل الفدرالي للنقل العام.
وتلحظ خطة بايدن «إطلاق ثورة على صعيد السيارات الكهربائية» عبر بناء شبكة شواحن للسيارات الكهربائية بقوة 500 ألف فولت، واستبدال 50 ألفاً من عربات النقل العاملة بمحركات الديزل، وتحويل 20 بالمئة من حافلات النقل المدرسي الصفراء الشهيرة إلى الطاقة الكهربائية.
وستوجه 25 مليار دولار للمطارات، بما في ذلك برامج لتجديد المحطات، و17 مليار دولار للممرات المائية الداخلية والموانئ الساحلية وموانئ الدخول البرية والعبارات.
كذلك سيتم تخصيص 180 مليار دولار للبحث والتطوير، منها الاستثمار في الطاقة النظيفة لتقليل الانبعاثات، وبناء القدرات على التكيف مع تغير المناخ، ودعم البحوث التي تركز على تغير المناخ.
وتشمل أيضاً 50 مليار دولار في تصنيع أشباه الموصلات المحلية، بالإضافة إلى دعم تدريب العاملين في مجالات العلوم والتقنية.
جوانب اجتماعية
يقترح بايدن تخصيص 213 مليار دولار لبناء وتحديث أكثر من مليوني منزل، من بينها أكثر من 500 ألف منزل لمشتري المنازل من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط واستثمار 40 مليار دولار لتحسين الإسكان العام.
يهدف اقتراح بايدن أيضاً توسيع خدمة النطاق العريض للإنترنت خاصة لسكان الريف، واستثمار 111 مليار دولار لمياه الشرب النظيفة، و100 مليار دولار لتطوير وبناء مدارس عامة جديدة، و12 مليار دولار في البنية التحتية لكليات المجتمع و25 مليار دولار لتحديث مرافق رعاية الأطفال.
يقترح بايدن 18 مليار دولار لتحديث مستشفيات وعيادات وزارة شؤون المحاربين القدامى و10 مليارات دولار لتجديد المباني الفدرالية.
كما ستخصص الخطة 400 مليار دولار للرعاية الصحية، خاصة لدور رعاية كبار السن وأصحاب الاحتياجات الخاصة، وتوسيع برنامج «ميديكيد» للرعاية الصحية لمحدودي الدخل.
كذلك تدعو خطة بايدن إلى إقرار قانون حماية حق التنظيم النقابي، الذي يهدف إلى تعزيز حقوق العمال في التفاوض الجماعي، وتسعى أيضاً إلى خلق وظائف مدعومة من النقابات.
Leave a Reply