تقرير أسبوعي من إعداد: وفيقة إسماعيل
نجول في بانوراما هذا الأسبوع على عدد من العواصم العربية، من بغداد التي تظاهر فيها مناصرو التيار الصدري رفضاً لترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، مروراً ببيروت التي انشغلت بكلام الأمين العام لـ«حزب الله» عن إمكانية اندلاع حرب مع إسرائيل على خلفية ملف الغاز الذي سيعيد الوسيط الأميركي إلى لبنان مطلع الشهر المقبل، وصولاً إلى تونس التي أنجزت الاستفتاء حول الدستور الجديد، وانتهاءً بالبحرين التي شهدت إقالة وزيرة الثقافة بسبب رفضها مصافحة السفير الإسرائيلي!
العراق
في تطور دراماتيكي قد يقلب الصورة في العراق، وبعد شيوع أجواء تفاؤلية إثر إعلان «الإطار التنسيقي» عن ترشيح الوزير السابق محمد شياع السوداني لتأليف الحكومة العتيدة، انطلقت الأربعاء الماضي تظاهرات حاشدة لأنصار التيار الصدري في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، للتعبير عن رفضهم لمرشح «الإطار».
وتوجه المتظاهرون بعد تجمعهم إلى المنطقة الخضراء، وتمكنوا من اقتحامها كما اقتحم المئات من المتظاهرين مبنى مجلس النواب العراقي، فيما حاول بعضهم الوصول إلى القاعة الدستورية.
رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي وفي بيان له دعا المتظاهرين إلى الالتزام بسلميتهم، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وإلى الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء.
وقد ردّت القوات الأمنية بإطلاق خراطيم المياه والقنابل الدخانية قبل أن تطلق النار في محاولة منها لتفريق المتظاهرين المحتجين.
وبالتزامن مع اقتحام مبنى البرلمان العراقي، غرّد صالح محمد العراقي المعروف باسم «وزير الصدر» عبر «تويتر» قائلاً: «أقف إجلالاً واحتراماً، فإنها رسالة عفوية إصلاحية شعبية رائعة شكراً لكم والقوم يتآمرون عليكم وسلامتكم أهم من كل شيء فإذا شئتم الانسحاب فإني سأحترم هذا القرار».
ودعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أنصاره إلى العودة لبيوتهم بعد التظاهرة التي وصفها بأنها كانت «جرة إذن» وأن المتظاهرين «أرعبوا الفاسدين».
وفي بيان نشره على موقع «تويتر»، قال الصدر إن «ثورة محرم الحرام» وهو الاسم الذي أطلقه على التظاهرة، هي «ثورة إصلاح ورفض للضيم والفساد»، وقال إن «الرسالة وصلت» ودعا المتظاهرين للعودة.
وبالعودة إلى المسار الحكومي، فقد جاء ترشيح السوداني محاولة لإنهاء حالة الانسداد السياسي التي يعاني منها العراق منذ تسعة أشهر وتفاقمت بعد انسحاب الصدر –الفائز في الانتخابات الأخيرة– من العملية السياسية واستقالة نوابه من البرلمان.
هذا الترشيح كان أفضل الممكن بالنسبة إلى قوى «الإطار»، فالسوداني لا يمتلك كتلة وازنة أو حزباً كبيراً قد يخيف المالكي أو يمثل تحدياً له، وهذا ما دفعه إلى قبول ترشيحه كحل وسط، وفي الوقت عينه كان ترشيحه الخيار الأسلم بالنسبة إلى «الإطار» اعتقاداً منه بأنه يسهم في تجنب المواجهة في الشارع والتي لوّح بها الصدر لو جرى ترشيح المالكي عدوه اللدود، علماً بأن المالكي قد هبطت أسهم ترشيحه بعد التسريبات الصوتية التي تعرّض فيها للكثيرين وعلى رأسهم الصدر والكاظمي.
وبينما لم يعلن التيار الصدري رسمياً تبنيه للتظاهرات، أكد مسؤولون في «الإطار التنسيقي» على تمسكهم بترشيح السوداني.
وقال، علي الفتلاوي، عضو «تحالف الفتح»، الذي يقوده، هادي العامري، إن السوداني هو بشكل «أكيد» المرشح الوحيد للإطار، وإن «الإطار لا زال متمسكاً به».
وبينما يتوقع المراقبون مزيداً من التظاهرات، سيمضي «الإطار» بترشيح السوداني (52 عاماً) الذي كان فقد والده وخمسة من أشقائه على يد نظام صدام حسين بتهمة انتمائهم إلى حزب «الدعوة»، وكان قد بدأ حياته السياسية قائمقاماً للعمارة في عام 2004، ثمّ محافظاً لها، وهو من مواليد بغداد عام 1970، وقد تسلّم عدة وزارات بينها العمل والشؤون الاجتماعية والصناعة والتجارة بالوكالة، ثم عُيّن وزيراً لحقوق الإنسان، وهو عضو سابق في حزب «الدعوة» الإسلامية بزعامة المالكي.
ويقول «الإطار الشيعي» إن السوداني «مرشحه بالإجماع» ووصفه بأنه «نزيه وكفوء» وقادر على تحمل أعباء المنصب، في وضع سياسي يزداد تعقيداً.
ودأب السوداني مؤخراً على انتقاد الحكومة الحالية، ووصفها بأنها «فاشلة» و«فاسدة» في تغريدات على موقع «تويتر».
لبنان
وسط جمود سياسي وانقطاع تام للتواصل بين السراي الحكومي وقصر بعبدا، أعاد الأمين العام لـ«حزب الله» تأكيد تهديداته لإسرائيل، مشدداً على استحالة تمكنها من استخراج النفط أو الغاز إذا لم يحصل لبنان على حقوقه كاملة، مشيراً إلى قدرة المقاومة الحتمية على تنفيذ تهديداتها، كما رد على دعوة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل له لإحضار الفيول الإيراني بالقول إنه على أتم الاستعداد لذلك ومن دون أي مقابل مادي فور موافقة الدولة اللبنانية.
وفي ما يتعلق بالسقف الزمني للمفاوضات لفت نصرالله إلى أن الوقت ليس مفتوحاً أمام الإسرائيليين وأن شهر أيلول سيكون الحد الفاصل إذا قررت دولة الاحتلال المضي قدماً باستخراج الغاز في هذا الموعد دون حلحلة العراقيل التي تحول دون استخراج الغاز اللبناني.
وفي موقف لافت بشأن مقترح الفيول الإيراني، قال الرئيس ميشال عون إن الدولة اللبنانية ترحب بأي هبة من أي دولة صديقة، وهذا ما أكده أيضاً وزير الطاقة وليد فياض، لكن موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بقي سلبياً تجاه الأمر، على الرغم من معاناة اللبنانيين التي وصلت حد فقدانهم الدواء ورغيف الخبز، ما يجعلهم توّاقين لأية مساعدة بغض النظر عن مصدرها، ولسان حالهم يقول إن من يعرقل حصولهم على المساعدة عليه الإتيان بالبديل من حلفائه و«مشغّليه» وإلا فإنه سيُعَدّ شريكاً في حصارهم وأخذهم إلى الانهيار الشامل.
أما في تل أبيب، فلم ينتظر وزير الأمن الإسرائيلي في الحكومة الانتقالية طويلاً كي يعلّق على كلام نصرالله، وبلهجة تخفيفية هذه المرة، مؤكداً رغبة حكومته في التوصل إلى اتفاق قائلاً «آمل ألا تتدحرج الأمور إلى حرب أو إلى أيام قتال، لكن علينا الدفاع عن حقوقنا من دون المس باللبنانيين»!
كلام غانتس إضافة إلى الكثير من التحليلات التي امتلأت بها الشاشات الإسرائيلية يؤكد بما لا يقبل الشك أنهم في تل أبيب يتعاملون مع تهديدات نصرالله بكثير من الجدية، وما يعزز هذا الاعتقاد هو الاتصال الذي أجراه الوسيط الأميركي آموس هوكستين بالمسؤولين اللبنانيين ليبلغهم بعودته إلى بيروت مطلع الشهر المقبل لمتابعة البحث في ملف ترسيم الحدود البحرية، علماً بأن الأجواء في بيروت تنحو باتجاه الإيجابية.
تونس
أعلنت هيئة الانتخابات في تونس، الثلاثاء الماضي، النتائج الأولية للاستفتاء حول مشروع الدستور الجديد الذي اقترحه الرئيس التونسي قيس سعيّد بحصوله على تأييد 94.6 بالمئة من الناخبين، بحسب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس فاروق بوعسكر الذي لفت إلى أن نسبة المشاركة بلغت 30.5 بالمئة.
وأعلن بوعسكر في مؤتمر صحافي قبول الهيئة مشروع نص الدستور الجديد للجمهورية التونسية المعروض على الاستفتاء بعد هذه النتيجة رسمياً. مشيراً إلى أن العدد الإجمالي للمشاركين في الاستفتاء بلغ مليونين و756 ألفاً و607 ناخبين من أصل 9.3 مليون شخص يحق لهم التصويت.
وبينما تعالت أصوات المعارضة الرافضة لنتيجة الاستفتاء، وعلى رأسها حركة «النهضة» المنتمية لجماعة «الإخوان المسلمين»، جددت واشنطن التعبير عن مخاوفها من تقويض الرئيس التونسي قيس سعيد للمؤسسات الديمقراطية في البلاد.
ويعد مشروع الدستور الجديد من بين الإجراءات الاستثنائية للرئيس التونسي في 25 يوليو الماضي بعد إزاحة الإخوان من الحكم وإقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر المقبل.
ويتضمن المشروع الجديد للدستور 142 مادة، ويمنح سلطات واسعة لرئيس الدولة خلافا لدستور 2014 الذي كان ينص على نظام شبه برلماني، تسبب في تناحر وصراع بين أجنحة السلطة الثلاث (الرئاسة والبرلمان والحكومة) ما انعكس على تردي الأوضاع في البلاد، وفق محللين.
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الخميس الماضي، إن الاستفتاء على الدستور التونسي الجديد، «اتسم بتدني نسب مشاركة الناخبين»، متحدثاً عن «عام من التراجع المفزع عن المعايير الديمقراطية، وانتقضت العديد من المكاسب التي قدّم من أجلها التونسيون التضحيات الجسام منذ عام 2011».
وذكر وزير الخارجية الأميركي، في بيان، أن واشنطن تشاطر العديد من التونسيين انشغالهم بأن «المسار المنتهج في صياغة الدستور الجديد قد قيّد مجال النقاش الحقيقي، وأن الدستور الجديد يمكن له أن يضعف الديمقراطية في تونس». وأشار إلى أن «قيام عملية إصلاح شاملة وشفافة هو أمر جوهري للشروع في استعادة ثقة الملايين من التونسيين الذين لم يشاركوا في الاستفتاء أو عارضوا الدستور الجديد»، وحث على ضرورة «السرعة في إقرار قانون انتخابي شامل من شأنه أن يمكن من مشاركة أوسع في الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في شهر ديسمبر، وخاصة مشاركة تشمل من عارض أو قاطع الاستفتاء على الدستور».
البحرين
أقال ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، الأسبوع الماضي، الشيخة مي بنت محمد آل خليفة من منصبها، برئاسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، بعد رفضها مصافحة السفير الإسرائيلي في المنامة، إيتان نائيه.
وكشفت تقارير صحافية، أن «ملك البحرين، أصدر مرسوماً بتعيين الشيخ خليفة بن أحمد بن عبد الله آل خليفة، رئيساً لهيئة البحرين للثقافة والآثار، إثر إقالة الشيخة مي من المنصب».
ووفقاً للتقارير، فإن «قرار الإقالة جاء بسبب رفض الشيخة مي، التي عملت في الإعلام والثقافة لأكثر من 20 عاماً، للتطبيع مع إسرائيل، الأمر الذي عبّرت عنه مؤخراً، عبر رفضها مصافحة السفير الإسرائيلي لدى المنامة، في مجلس عزاء خاص، أقامه السفير الأميركي، في منزله في العاصمة البحرينية».
وكان السفير الأميركي، ستيفن بوندي، قد عقد مجلس عزاء خاصاً في 16 يونيو الماضي، بمناسبة وفاة والده، ودعا إليه سفراء ومسؤولين، من بينهم السفير الإسرائيلي في البحرين، والشيخة مي بنت محمد.
و«خلال مجلس العزاء، رفضت المسؤولة البحرينية، المنحدرة من العائلة الحاكمة، مصافحة السفير الإسرائيلي بعد أن عرفت هويته، وقررت الانسحاب من المكان، وطلبت من السفارة الأميركية عدم نشر أي صورة لها»، بحسب التقارير.
وكانت الشيخة مي، قد رفضت تهويد أحياء قديمة في العاصمة البحرينية، ورفضت السماح لمستثمرين يهود بتشييد حي يهودي من باب البحرين حتى الكنيس اليهودي في المنامة.
وفي تغريدة على حسابها الرسمي في موقع «تويتر»، قالت الشيخة مي، «من القلب ألف شكر لكل رسالة وصلتني، وحدها المحبة تحمينا وتقوّينا».
وتولّت الشيخة مي منصب رئيسة «هيئة البحرين للثقافة والآثار» منذ فبراير عام 2015، علماً بأنها كانت قد شغلت منصب وزيرة الثقافة بين عامي 2010–2014 ووزيرة الثقافة والإعلام بين عامي 2008–2010، وهي باحثة وكاتبة في مجال التاريخ. وقد حظيت وزيرة الثقافة البحرينية السابقة، مي آل خليفة بحفل وداع تكريمي نظّمه موظفون في الوزارة وهيئة البحرين للثقافة والآثار، بعد أيام على إقالتها من منصبها، بسبب موقفها من التطبيع، من خلال رفضها مصافحة السفير الإسرائيلي.
وأظهرت مقاطع فيديو جانباً من هذا الاحتفال الذي لقي تفاعلاً في مواقع التواصل الاجتماعي، وسط إشادات بموقفها المعارض للتطبيع، حيث تبادلت الوزيرة المُقالة الأحضان مع عدد من الموظفات اللواتي ظهرْنَ وهنّ يبكين لرحيلها، فيما علا التصفيق. وألقت الوزيرة بدورها كلمة، شكرت فيها الحضور، وأشادت بالفترة التي جمعتها بهم في العمل.
Leave a Reply