أظهرت تقارير اقتصادية دولية أن حجم التحويلات المالية للمهاجرين بلغت عام 2006 قرابة 276 مليار دولار، وفاقت مساهمتها في اقتصاد بعض الدول النامية أي قطاع اقتصادي آخر. وأكدت التقارير أن التحويلات المالية باتت تشكل اقتصاداً عالمياً مستقلاً، غير أنها لفت إلى ضرورة مراقبة التحويلات المالية التي يعتقد أنها باتت مصدراً لتمويل بعض التنظيمات المتشددة وفي مقدمتها القاعدة، إلى جانب عدم إغفال تداعيات الظاهرة التي باتت تهدد الدول الصغيرة. وقال خبراء إن حركة المال عبر العالم لم تظهر بشكل واضح سوى بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، التي دفعت النظام الدولي لتشديد رقابته على التحويلات المالية خشية وصول الأموال إلى أيدي الحركات المتشددة. ولفتوا إلى أن حجم الكتلة النقدية التي يرسلها المهاجرون إلى أوطانهم تضاعف منذ العام 2000، ليحصل المهاجرون بذلك على ثالث أكبر دخل عالمي بعد سلسلة متاجر «وول مارت» الأميركية وشركة «أكسون موبيل» النفطية. وقال ديليب راسا، أحد خبراء البنك الدولي، أن ما أرسله المهاجرون المصريون إلى بلادهم فاق عوائد قناة السويس، فيما فاقت المبالغ التي أرسلها المغاربة عائد السياحة السنوي للبلاد، فيما تجاوزت تحويلات المكسيكيين قيمة الاستثمارات الأجنبية كاملة في بلادهم. واخرج المهاجرون من عام 2005 وفق بيانات البنك الدولي 14 مليار دولار من الولايات المتحدة، فيما بلغ حجم التحويلات من سويسرا 13 مليار دولار، وفقاً لأسوشيتد برس. وبلغت حصة أميركا اللاتينية من أموال مهاجريها عام 2006 قرابة 62 مليار دولار، مع توقع أن تبلغ تلك العوائد 100 مليار عام 2010، منها 22 ملياراً، هي حصة تحويلات المكسيكيين. وجاء الهنود في المرتبة الأولى من حيث التحويلات، إذ أرسلوا إلى بلدهم عام 2006 ما يقارب 27 مليار دولار، فيما أرسل الفلبينيون عام 2005 أكثر من 13.6 مليار دولار. وحث بعض المراقبين على عدم إغفال التأثيرات البعيدة المدى لهذه الظاهرة، فرغم فائدتها الظاهرية على اقتصاد الدول النامية، إلا أنها تساهم على المدى البعيد في إفراغها من العمال المهرة والنخب المتعلمة. وفي هذا السياق، قال لار غيدشي، مدير أحد مراكز الاقتصاد والدراسات الاجتماعية في ألبانيا التي تعتبر واحدة من أكبر الدول الأوروبية المصدرة للعمالة: «الهجرة تولد الهجرة.. إنها حلقة متصلة.. الجيل المقبل سيهاجر أيضاً لأن ما يحدث لن يساهم في خلق فرص عمل له هنا». أما إيلفين ميكا، مدير عام اتحاد المصارف الألبانية فقد قال بأسى «نحن نصدر البشر الذين يحولون إلينا المال.. الشباب أدمنوا الهجرة وهذه أكبر جريمة ترتكب بحق الوطن.. الحكومة قضت على أحلامهم». وتبدو الظاهرة مأساوية الطابع في دول صغيرة مثل مولدوفا، وهي إحدى دول الاتحاد السوفيتي السابق، إذ هاجر 600 ألف من سكانها البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة، يحولون سنوياً 920 مليون دولار، وهو مبلغ يفوق الموازنة المحلية. غير أن كيان الدولة نفسه بات مهدداً، بعد تقديم مليون و900 ألف آخرين طلبات للحصول على الجنسية الرومانية.
Leave a Reply