العنصرية تدخل على خط المعركة الديمقراطية للرئاسة الأميركية
واشنطن – خاص «صدى الوطن
لا شيء جديدا في المقلب الجمهوري لتمهيديات الرئاسة، فالمرشح الوحيد والمسمى للرئاسة من قبل الحزب الجمهوري هو سيناتور اريزونا جون ماكين. اما ديمقراطيا، فالانقسام الحزبي ما زال يهدد مستقبل الحزب في الوقوف على مرشح رئاسي. واستطاع باراك اوباما ان يعيد الزخم المعنوي لحملته بربح الجولتين اللتين أجريتا الاسبوع الماضي في ولايتي ويومنغ وميسيسيبي، مما وسع الفارق في مجموع المفوضين لصالح اوباما (اوباما 1398؛ كلينتون 1244) بفارق 154 مفوض.
وكان توزيع المفوضين كالعادة اقرب الى المناصفة في ويومنغ 7-5 وفي ميسيسيبي 14-12 (لصالح اوباما).
وفي سياق آخر، توسعت رقعة الخلاف بين معسكري المرشحين الديموقراطيين هيلاري كلينتون وباراك اوباما، بشكل كبير لتلامس حد التلاسن العنصري، الذي برز وسط اجواء توحي بأن الاسابيع الخمسة التي تفصل المتنافسين عن انتخابات بنسلفانيا الشهر المقبل، ستكون مشحونة بالاتهامات القاسية.
قراءة فـي الجولتين الاخيرتين
ربح اوباما في الولايتين بفارق كبير على كلينتون بلغ الضعف.
ورفع ربح جولة التصويت العلني (كوكاس) في ولاية ويومنغ عدد الـ«كوكاس» التي ربحها اوباما الى 13 كوكاس مقابل 3 لـ كلينتون. وجعل ربح ويومنغ كل الغرب الاميركي محتشدا خلف اوباما من ايداهو، ويوتا، فكولورادو، وحتى ولاية واشنطن. اما نيفادا فقد ربح فيها اوباما مفوضين اكثر رغم ان منافسته ربحت مجموع الاصوات.
اما ولاية ميسيسيبي فكشف الانقسام الديمقراطي عن مخالب الوحش العرقي للمرة الاولى في هذه التمهيديات. فبعد ان استطاع اوباما ان يكسب الكثير من اصوات البيض من الجنسين من الشباب والكهول وبدا انه يهدد كلينتون في هذا جاءت نتائج ميسيسيبي لتنزل كالصاعقة على الاندماج العرقي في البلاد. فالسود صوتوا لأوباما اما البيض فـلـ كلينتون. اذ صوت اكثر من 90 بالمئة من السود لأوباما بينما صوت اكثر من 70 بالمئة من البيض لمنافسته.
العنصرية تلوح مجددا فـي الانتخابات
كان اعلان كلينتون التلفزيوني «انها الثالثة صباحا» عاملا مهما في تحويل انتباه الناخبين البيض عن اوباما واللعب على عنصر الخوف من الارهاب لدفع الناخب الابيض الى وضع ثقته في مرشح ابيض بدلا من مرشح اسود. فالاعلان الذي يصور اطفالا نياما واُمّا مشغولة البال على أمن اطفالها يشير الى ان لحظة ارهاب وخوف مرتقبة خلف الابواب وان اتصالا تم الى البيت الابيض وعلى احد ان يجيب عليه، ويظهر الاعلان ان كلينتون هي من يجيب على الاتصال.
ورغم ان الاعلان يشير صراحة الى استغلال عنصر الخوف التي استعملتها ادارة بوش في تمرير الكثير من سياساتها الا ان الخبير في التاريخ العنصري في أميركا اورلاند باترسون كتب في مقالة له في «نيويورك تايمز» ان الاعلان يضمر شيئا عنصريا اكثر مما يظهر: فالاعلان يشير الى ان امرأة بيضاء مثل كلينتون هي الاكثر ثقة في التعامل مع المهمة بدل وضع امن البلاد في يد رجل اسود مثل اوباما يعتبر من الخارج اي ليس اميركيا اصيلا كونه اسود البشرة وكون ثمة احتمالات «اسلام» متسرب الى هويته.
والأرجح ان يكون هذا الاعلان وبالا على كلينتون بدل ان يكون سندا لها. بمعنى انه نجح في جني ثمار مباشرة فقط، لكن ستكون له نتائج سيئة على المنظور البعيد خصوصا بعد ان يشن اوباما والصحافة المعادية لـ كلينتون حملتها على الاعلان لتظهر العنصرية والتدليس المخبوء فيه. الارجح انه لكذلك.
وقد جرت انتخابات ميسيسيبي على خلفية جدل حاد حول تصريحات ادلت بها حليفة لكلينتون تنطوي على تلميحات عنصرية. وكانت جيرالدين فيرارو وهي مرشحة سابقة لمنصب نائب الرئيس الاميركي وتنتمي اليوم الى فريق كلينتون المالي، اعتبرت عشية انتخابات ميسيسيبي انه «لو كان اوباما رجلا ابيض لما وصل الى حيث هو الآن.. ولو كان امرأة (من اي عرق) لما وصل الى حــيث هو الآن. فهو محظوظ كونه كذلك». وقد اكتــفت كلينتون من جهتها بالــقول انها «لا توافق» فيرارو الرأي.
وقال اوباما انه لا يعتقد ان «تعليقات جيرالدين فيرارو لها مكانها في السياسة لا في الحزب الديموقراطي». وأضاف ان «كل شخص يعرف تاريخ هذه البلاد يعلم بكل تأكيد انها عبثية»، متهما فيرارو بالمشاركة في «سياسات تتعلق بالخلفية والعرق».
غير ان فيرارو عادت وردت على اوباما وحملته، قائلة ان «تصريحاتي وضعت خارج سياقها.. لقد صنفتها حملة اوباما كتصريحات عنصرية وهذا الامر يقسم الحزب الديموقراطي اكثر وأكثر». وأكدت المسؤولة في حملة كلينتون انها «بالتـــأكيد» ليســـت آسفة «ابـــدا» على ما ورد على لسانها. وقالت انها «حاربت العنصرية على مدى 40 عاما». وقدمت فيرارو استقالتها من منصبها في حملة كلينتون.
وفي المقلب الآخر، اضطرت مستشارة السياسة الخارجية لحملة اوباما سامنثا باور للاستقالة من منصبها بعد ان وصفت كلينتون في احدى تصريحاتها بالوحش، بعد ان استنكر اوباما هذا الوصف.
استراتيجيات انتخابية
شكل نصر ميسيسيبي وويومنغ استعادة اوباما ولو معنويا زمام الزخم الذي تميز به وهو الرابح حتى لأكثر من ضعف الولايات التي ربحتها كلينتون، وهو صاحب العدد الاكبر من اصوات الناخبين والعدد الاكبر من المفوضين بفارق يفوق 150 مفوضا. وكانت كلينتون وضعت اوباما في موقع دفاعي في الاسابيع الاخيرة خصوصا عندما نجحت في توجيه انتقادات لوت ذراعه في موضوع الاتفاقية التجارية «نافتا» وقضية الخبرة السياسية وقضايا اخرى على الاخص وأنها تتعاون مع الند الجمهوري جون ماكين في الهجوم المنظم، وربما المتطابق، على المرشح الاسود، الجدّي الاول، في تاريخ الرئاسة الاميركية.
وفي السباق التمهيدي نحو النهائيات الرئاسية، لم يبق امام المرشحين الديمقراطيين الا ثماني ولايات ستجرى فيها الجولات التمهيدية: بنسلفانيا (22 نيسان) انديانا ونورث كارولاينا (6 أيار) ويست فرجينيا (6 أيار) كنتاكي واوريغون (20 أيار) مونتانا وساوث ديكوتا (3 حزيران).
وباستثناء بنسلفانيا والتي تحتوي على 158 مفوضا، لا تشكل هذه الولايات اي تحد، او تحتوي على اي مفاجئات، وبالتالي لن تستطيع ان تحسم شيئا لأن المتنافسين الديمقراطيين، وكما هي العادة، سيقتسمان المفوضين مناصفة تقريبا كائنا من كان الرابح لأكثرية الاصوات.
وتلقي هذه الحقيقة الضوء على جولة بنسلفانيا. وللمرشحين قرابة الشهر تقريبا للتحضير لتلك الجولة. ومن المفارض ان تكون جولة بنسلفانيا حاسمة رغم ان كثير من المراقبين يستبعدون ذلك ويعتقدون ان الحسم سيكون باصوات المفوضين الممتازين.
الجمهوريون
مع تزايد احتمالات فوز أوباما بترشيح الحزب الديمقراطي بدأ الجمهوريون في الحملة التي سيديرونها ضده في الانتخابات العامة، حسبما أوردت صحيفة «نيويورك تايمز».
ويعتقد المحللون أن احتمالات فوز ماكين على أوباما اكبر من احتمالات فوزه على كلينتون إذا فازت بالترشيح. لكن هناك ما يدعو للقول بأن حملة ماكين-أوباما ستمنح الجمهوريين والمحافظين فرصة التأكيد على مبادئهم المحافظة وإعادة تعريف السياسات الرئاسية بأفضل مما كان سباق ماكين-كلينتون سيفعل. ثم يورد المقال الأسئلة التي يجب أن يطرحها المحللون الجمهوريون، ومنها كيفية معالجة التحدي الذي يمثله أول مرشح اسود للرئاسة، وبخاصة أن أي هجوم عليه ستفسره وسائل الأعلام بأنه هجوم عنصري. كما أن التقليل من شأن أوباما كمرشح جدير سيضع الجمهوريين في موقف المتعصبين، وكذلك مناقشة آرائه ستمنحه الميزة التي يتمناها المرشحون الجادون. ثم يصف المقال المزايا التي يتمتع بها أوباما بالفعل وهي كونه ليس فاسداً، وكونه البديل الموثوق به لكلينتون والجمهوريين، بشبابه وهدوءه وتجسيده لامكانية التخلص من الحروب التي تسببت فيها سلالة بوش منذ دخلت البيت الأبيض. لذا فالفرصة أمام الجمهوريين هي تقديم رؤيتهم للمستقبل للشعب الأميركي دون الاعتماد على جون ماكين وحده في الفوز بتلك الانتخابات.
أما ماكين، حسب «نيويورك تايمز» فعليه تحدي فكرة الوحدة والتعاون الحزبي التي يقدمها أوباما بالسعي للاتحاد في حملة انتخابية مشتركة بينهما يجوبان البلاد خلالها ويتشاركان في تقديم الحلول لمشاكل الأمة الأميركية.
Leave a Reply