أميركا تنسلخ عن جلدتها الرأسمالية على يدي بوش
واشنطن – تلقت مبادئ اقتصاد السوق في الولايات المتحدة ضربة جديدة الجمعة سددها الرئيس المنتهية ولايته جورج بوش الذي كان في ما مضى احد اشرس المدافعين عن هذه المبادئ.وواصل بوش سلسلة التدخلات الضخمة للدولة الفدرالية في القطاع الخاص، باعلانه تقديم مساعدة حكومية عاجلة بقيمة 17.4 مليار دولار الى اثنين من رموز هذا الاقتصاد، هما عملاقا صناعة السيارات الاميركية «جنرال موتورز» و«كرايسلر» اللتان تقفان على شفير الافلاس.وبرر بوش هذا التدخل الحكومي بالقول ان ظروفا اقتصادية استثنائية فرضته وبانه لا يريد ان يترك لباراك اوباما تركة ثقيلة لدى تسليمه مفاتيح البيت الابيض في 20 يناير (كانون الثاني).وبذلك قدم بوش الذي طالما دافع على مدى السنوات السابقة عن ضرورة الا يتخطى التدخل الحكومي حدود خلق المناخات المؤاتية للاقتصاد الحر، تنازلا كبيرا الثلاثاء كان ليبدو قبل عام واحداً مستحيلا، بقوله «تخليت عن مبادئ اقتصاد السوق لانقاذ نظام اقتصاد السوق».واضاف الجمعة «في ظروف اقتصادية طبيعية» كان ترك مصنعي السيارات لمصيرهما «الثمن الذي يتوجب على هذه الشركات دفعه بسبب فشلها، وما كنت لاتدخل، ولكننا لسنا في ظروف طبيعية».وادت ازمة الرهن العقاري الى اسوأ ازمة مالية تشهدها الولايات المتحدة منذ 1929 حيث دخل الاقتصاد رسميا مرحلة الركود وبلغت البطالة اعلى معدل لها منذ 15 عاما.وبحسب بوش وحكومته فان ترك قطاع صناعة السيارات لمصيره المحتوم وقواعد اقتصاد السوق يهدد بتصفية هذا القطاع برمته الامر الذي سيحدث صدمة جديدة في الاسواق وسيؤدي الى خسارة فرص عمل مباشرة وغير مباشرة قدر عددها البعض بالملايين.ورغم هذا لا يزال غلاة المدافعين عن الاقتصاد الحر الاميركي يدعون الى ركوب هذه المخاطرة. فخلال اقل من عام شاهد هؤلاء مبادئ الاقتصاد الحر تتحطم امام اعينهم بتدخل الدولة اولا لانقاذ مصرف الاعمال بير ستيرنز ثم وضعها عملاقي اعادة التمويل العقاري فاني ماي وفريدي ماك تحت رقابتها ولاحقا فرض شبه تأميم على عملاق التأمين «ايه اي جي».وفي بلد رشح فيه الجمهوريون لمنصب نائبة الرئيس سارة بايلن التي بدت وكأنها توجه اهانة الى اوباما باتهامها اياه باعتماد منحى اشتراكي في سياسته الاقتصادية، ها هم الجمهوريون انفسهم يدخلون البلد في عجز موازنة يفوق 1000 مليار دولار.ومع الهزيمة المدوية التي لحقت بهم في الانتخابات الرئاسية، اصبح لدى الجمهوريين الذين اكدوا باستمرار على الدفاع عن اموال المكلف الاميركي ويريدون الآن مناقشة خطة الانعاش التي تقدم بها الديموقراطيون بـ850 مليار دولار، دوافع اقل للدفاع عن الرئيس بوش.واخفق هؤلاء الاسبوع الفائت في تمرير خطة جديدة تفاوضت فيها الحكومة مع الكونغرس هدفت هذه المرة الى انقاذ قطاع صناعة السيارات.وتقول ادارة بوش حاليا انها اخذت في الحسبان بعضا من شروط هؤلاء، كالشرط الداعي الى ان تكون الاجور التي تدفعها شركات صناعة السيارات متوافقة مع تلك التي تدفعها منافساتها في الخارج.وقال بوش الخميس ان «الوقت صعب عندما نؤمن باقتصاد السوق».واضاف «لكنني قررت الا اكون رئيسا خلال مرحلة كساد اكبر من الكساد الكبير» وهي اسوأ ازمة شهدها الاقتصاد الاميركي في العام 1929 واستمرت خلال ثلاثينيات القرن الفائت.واضاف «بصراحة، هناك اعتبار آخر، هو انني اؤدي واجبا تجاه خلفي (…) اعتقد ان السياسة الصائبة تفرض علي الا القي على كاهله كارثة ضخمة في اول يوم من رئاسته».
Leave a Reply