سيدتي!
أعرف أن الأمور ليست على ما يرام، بل هي ربما.. أسوأ مما تبدو أمام الناس. ولكنكما تعيشان قطيعة مؤلمة تحت سقف واحد. إنها هدنة مؤقتة. لا إطلاق رصاص، ولا مشاحنات، أو مجاكرات، أو انفجارات لأي سبب عابر، لذلك عليك الاستفادة من هذه الفرصة، لإعادة المياه إلى مجاريها.. لأنه وعلى الرغم من كل شيء، فحضرته ليس شخصاً سيئاً، ولا منفراً، ولا جلفاً، ولا ضيق الخلق، بل يمكن القول إنه فعل الكثير من أجلك.
إنه ممل، وبارد، وهذه هي كل الحكاية!
لذلك ننصحك باتباع الطريقة التقليدية، لتحريك الأجواء الراكدة، واستمالة قلبه، مع أن زواجكما لم يقم أساساً على الحب، بل على الترتيب، على قاعدة أن الحب يأتي بعد الزواج. فبعد حصوله على الجنسية طلّق زوجته الأميركية، وعاد إلى الديار، وتزوجك ، ثم جاء بك إلى هنا..
والطريقة التقليدية كما تعلمين تقوم على تطبيق الخطط النسائية ابتداءً من.. المطبخ، فالطريق إلى قلب الرجل مايزال يمر من معدته، وليس من خلال أناقتك وإبر البوتوكس وجلسات التسمير، ونفخ الشفايف، وتمييش الشعر، كما تقول الدعايات وخبراء الموضة ونجوم الحكي وطق الحنك.
هناك “أطباق” تثير الشهية، وهنالك “أطباق” تثير الشهوة!
وطبق اليوم الذي ننصحك بتحضيره هو طبق “حراق أصبعو”، الطبق الشعبي ذائع الصيت، والطيب والبسيط والسريع التحضير. وتذكري أن الطبخ نَفَس، وأن تذوق الطعام لا يختلف عن تذوق الموسيقى وتذوق منظر الغروب على شاطئ البحر. واعلمي أن رائحة الطعام لا تنبعث فقط من مطابخ الجيران، بل تأتي أيضاً من الأيام الماضية والذكريات البعيدة.
لذلك فمن المتوقع أن يذّكرك “حرّاق أصبعو”، ويذّكر الشريك بذكريات بعيدة، لا تسيل لعابه فقط، بل ربما تسيل دموعه أيضاً، وتعيده (وتعيدكِ) إلى أيام كان يجلس مع أخوته على مائدة واحدة، ويأكلون جميعهم من صحن واحد، حامدين شاكرين، متحابين، وقلوبهم على بعضهم، اذا وخزت شوكة واحدا منهم، أحس الجميع بالألم.
يا الله.. ما أبعدها تلك الأيام!
ولعلك لازلت تذكرين المقادير، وطريقة التحضير، والأرجح أنك نسيت ذلك بسبب طول المقام في بلاد العم سام، ومن باب الاحتياط سنورد لك الخطوات التي تمكنك من تحضير أفضل صحن “حرّاق أصبعو” في العالم وفي التاريخ:
– اسلقي العدس لمدة عشرين دقيقة.. حتى يغلي.
– قلي البصل المقطع إلى جوانح رقيقة حتى يحمر.
– أضيفي الملح والتوابل إلى العدس، مع نصف كمية البصل المقلي، ونصف كمية الكزبرة المقلية مع عصير الحامض، واتركي المزيج لمدة 10 دقائق.
– قطعي الخبز إلى مربعات وقليه بنصف كوب من الزيت على نار قوية.
– ضعي الخبز المقطع إلى مربعات وصبي فوقه خليط العدس وزينيه ببقية الكزبرة والبصل المقليين.
– اتصلي بأحد المطاعم العربية التي اعتدت على الاتصال بها واطلبي شيئاً من “أحسن مما عندهم” لأنك لم تنجحي بتحضير ذلك الصحن الذي كنت تحضيرينه على الغايب، أيام زمان. فالطبخة احترقت، وليس صحيحاً أن كثرة الطباخين تحرق الطبخة، بل إن طباخاً لوحده لا يستطيع تحضير وجبة ناجحة.
فلا تلومي نفسك على ذلك، ولكن اعلمي أنك تغيرت كثيراً منذ قدومك إلى بلاد الأحلام، ولا تلومي الشريك أيضا، فهو قد تغير أيضا، وهو لن يشرّف على الغداء على الأغلب.
ولكن لا تفقدي ثقتك بالحياة، فهي ماتزال جميلة ورائعة ومدهشة. وهي كذلك. الحياة رائعة.. مع أنها “تحرق أصابع” الجميع!
Leave a Reply