محمد دلبح – «صدى الوطن»
تحيط الشكوك بإمكانية السير قدماً للتوقيع على اتفاق بين تركيا والكيان الإسرائيلي لتنفيذ مشروع أنابيب الغاز بين الكيان الإسرائيلي وتركيا عبر قبرص الذي كان بدأ الحديث بشأنه بين الجانبين في حزيران (يونيو) 2016، عقب تسوية الخلافات بين أنقرة وتل أبيب بشأن حادثة العدوان الإسرائيلي على السفينة التركية مرمرة في عام 2010 التي راح ضحيتها عدد من المواطنين الأتراك المتضامنين مع الشعب الفلسطيني، على متن السفينة لكسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقد ازدادت هذه الشكوك بشأن خط أنابيب الغاز تحت سطح البحر المتوسط إلى تركيا ومن ثم إلى أوروبا والمدعوم من الولايات المتحدة عقب تصعيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إدانته للكيان الإسرائيلي بسبب قراراتها الخاصة بالقدس وإجراءات القمع التي تمارسها ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة وحصارها لقطاع غزة.
وتشير تقارير إلى أنه رغم أن المحادثات الرامية للتوصل إلى تفاهم بين الجانبين بشأن مشروع الغاز لم تتوقف إلا أن وتيرة المحادثات انخفضت بشكل حاد.
ويذكر أن تركيا تسعى دائماً إلى توفير احتياجاتها من الغاز الطبيعي من أكثر من مصدر حيث تصدر روسيا إلى تركيا أكثر من 60 بالمئة من احتياجاتها من الغاز. وعندما شهدت العلاقات بين البلدين التوتر في عام 2016 خشيت تركيا من أن يؤثر ذلك على إمدادات الغاز الروسي الأمر الذي دفع حكومة أردوغان إلى البحث عن شركاء جدد من بينهم الكيان الإسرائيلي.
مشاريع أخرى
وفي حال استمرار تأثير الخلاف بين أنقرة وتل أبيب ربما تتجه الأخيرة إلى تحويل أولوياتها بدلاً من تركيا بالتركيز على مشاريع إقليمية أخرى قد تكون محفوفة بمخاطر سياسية أو مشكوك فيها مالياً، ومن بين هذه الأسواق مصر والأردن حيث وقعت شركة «نوبل إنيرجي» و«ديليك غروب» وهما الشريكان الرئيسيان في تطوير حقل غاز «ليفياثان» في عام 2016 على صفقة مع الأردن بقيمة 10 مليار دولار.
ويذكر أنه تم اكتشاف الغاز الطبيعي في البحر المتوسط قبالة سواحل فلسطين المحتلة في عام 1999. كما تم اكتشاف احتياطيات أكبر، أبرزها حقل «تامار» في عام 2009، بتقديرات تبلغ 9 تريليون قدم مكعب وحقل «داليت» الأصغر حجماً، إلى جانب حقل «ليفياثان» الذي تشير آخر التقديرات إلى أنه يضم احتياطيات تبلغ 17 تريليون قدم مكعب.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» الاقتصادية عن متحدثة باسم الشركة قولها إن الصادرات إلى تركيا لا تزال «خياراً صالحاً» وأن المناقشات مع «اللاعبين المعنيين في تركيا» مستمرة. فيما قال متحدث باسم وزارة الطاقة التركية إن المحادثات بين المسؤولين الأتراك والمسؤولين الإسرائيليين لم تسفر حتى الآن عن نتائج.
وقد ألغت شركة أنابيب الغاز التركية «بوتاس» زيارة إلى الكيان الإسرائيلي في شهر كانون أول (ديسمبر) الماضي.
وعلى الرغم من الخلافات السياسية التركية الإسرائيلية بشأن القدس وقطاع غزة وحصارها إلا أن الواقع الاقتصادي يشير إلى أن العلاقات التجارية بين الجانبين والتي تحكمها اتفاقية التجارة الحرة منذ عام 2000 مستمرة، فقد استمرت الصادرات التركية إلى الكيان الإسرائيلي في النمو على مدى السنوات القليلة الماضية، وبلغت نحو 2.5 مليار دولار في عام 2016. وفي الأشهر العشرة الأولى من عام 2017 ارتفعت الصادرات التركية إلى الكيان بنسبة 14 بالمئة، ليصبح أحد أهم 10 أسواق لتصدير المنتجات التركية على الصعيد العالمي.
ثلاثة خيارات
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتينياهو –خلال زيارته للهند الشهر الماضي– إن «إسرائيل لديها ثلاثة خيارات لخطوط الأنابيب، وأضاف: «إننا نتطلع بالتأكيد إلى الثلاثة جميعاً».
وإلى جانب الأردن فإن مصر تعتبر أحد هذه الخيارات البديلة عن السوق التركية. ورغم اعتقاد الإسرائيليين أن قرب مصر جغرافياً والعلاقات الجيدة التي تربط الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع الكيان الإسرائيلي يجعل مصر بديلاً جيداً إلا أن المنازعات القانونية على اتفاق الغاز في وقت سابق تعطل التقدم في أية صفقة كما أن الاقتصاد المصري ليس بقوة الاقتصاد التركي.
أما الخيار الثالث بالنسبة للكيان الإسرائيلي البديل عن تركيا فهو مد خط أنابيب يعبر قبرص إلى اليونان وإيطاليا بكلفة لا تقل عن ستة مليارات دولار. ورغم أن الاتحاد الأوروبي خصص 34.5 مليون يورو لوضع خطة للمشروع إلا أن مسؤولين في قطاع الطاقة الإسرائيلي يشكون في قابلية المشروع للاستمرار مالياً كما أن سيطرة تركيا على شمال قبرص يمكن أن تخلق عقبات.
Leave a Reply