واشنطن، هامترامك
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تعيين رئيس بلدية هامترامك، العربي الأميركي أمير غالب، سفيراً للولايات المتحدة لدى دولة الكويت، كمكافأة على تأييده للرئيس الجمهوري في سباق العودة إلى البيت الأبيض في تشرين الثاني (نوفمبر) المنصرم.
وأوضح ترامب عبر حسابه على موقع «تروث سوشيال»، الجمعة ٧ آذار (مارس) الجاري، بأن رئيس البلدية اليمني الأصل ساعده في الفوز بولاية ميشيغن، التي تضم أعلى نسبة من السكان المتحدرين من الشرق الأوسط في أميركا، وقال: «يسرني الإعلان بأن أمير غالب سيكون سفير الولايات المتحدة القادم لدى الكويت. بصفته رئيس بلدية هامترامك، عمل عامر بجد لمساعدتنا في تحقيق نصر تاريخي في ميشيغن، وإنني أعلم بأنه سيرفع اسم بلدنا عالياً من خلال خدمته في هذا المنصب الجديد».
من جانبه، أعرب غالب (45 عاماً) عن شكره للثقة التي أولاه إياها الرئيس ترامب، كاشفاً عبر صفحته على موقع «فيسبوك» أن البيت الأبيض عرض عليه أحد ثلاثة مناصب، وأنه اختار تمثيل واشنطن لدى دولة الكويت. وقال: «من بين ثلاثة خيارات عرضت عليّ، وهي: منصب استشاري للرئيس في البيت الأبيض، أو منصب مساعد وزير الخارجية، أو سفير للبلد الذي أختاره، وقع اختياري بعد تفكير عميق ودراسة مستفيضة أن أقبل بمنصب السفير، وقد اخترت دولة الكويت من بين عدة دول كانت متاحة أمامي».
ويتطلب تعيين غالب في منصب السفير الأميركي لدى دولة الكويت موافقة مجلس الشيوخ في الكونغرس الأميركي.
غالب الذي هاجر إلى الولايات المتحدة وهو في سن السابعة عشرة، عبّر عن امتنانه لقيام ترامب بتعيينه سفيراً لدى الكويت «العزيزة على قلبه»، مضيفاً بالقول: «أتطلع إلى تمثيل وخدمة بلدنا العظيم، الولايات المتحدة، وتقوية العلاقات بين البلدين الصديقين». كما حرص غالب على شكر مستشار الرئيس ترامب لشؤون الشرق الأوسط، رجل الأعمال اللبناني الأصل مسعد بولس، «على دعمه له منذ البداية، وعلى جهوده الناجحة في تمتين العلاقات بين المجتمع العربي الأميركي والإدارة (الأميركية) الجديدة بقيادة الرئيس ترامب».
غالب، وهو أول عربي وأول مسلم يتقلد رئاسة بلدية هامترامك، أوضح بأن شغفه بالعمل السياسي والمجتمعي دفعه بعد 12 عاماً من الدراسة والعمل في القطاع الصحي إلى الترشح لقيادة المدينة التي تضم أكبر كثافة للمهاجرين في ولاية ميشيغن، والتي يقطنها زهاء 27 ألف نسمة يشكل المسلمون المتحدرون من أصول يمنية وينغالية أغلبيتهم الساحقة، واعداً بمواصلة مسيرته السياسية على أسس «النزاهة والإخلاص والقيم والمبادئ ودعم المجتمع اللامحدود»، وهي الأسس «التي مكّنته من قيادة المدينة بنجاح منذ مطلع عام 2022».
وبينما أشار ترامب –في بيانه– إلى أن غالب حاصل على «درجة الدكتوراه من كلية الطب بجامعة روس»، و«أنه يواصل خدمة مجتمعه كأخصائي رعاية صحية فخور»، كانت متحدثة باسم الشركة الأم لـ«جامعة روس» قد أفادت في عام 2021 بأن غالب لم يحصل على شهادة منها. ومن غير الواضح ما إذا كان غالب قد حصل على شهادة طبية من الجامعة أم لا، بحسب صحيفة «ديترويت فري برس» التي أبرقت مؤخراً رسائل لـ«جامعة روس» في جزيرة باربادوس في البحر الكاريبي ورئيس بلدية هامترامك، دون أن تتلقى رداً من كلا الطرفين.
وكان غالب قد دخل التاريخ الأميركي بعد الانتخابات العامة في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2021، كأول عربي وأول مسلم يتولى رئاسة بلدية هامترامك بعد فوزه الكاسح على رئيسة البلدية، البولندية الأصل كارين ماجوسكي، منهياً بذلك قرناً كاملاً من قيادة البولنديين لحكومة المدينة الأكثر تنوعاً عرقياً وثقافياً بولاية البحيرات العظمى.
وخلال ترؤسه لبلدية هامترامك، وكذلك ترؤسه للمجلس البلدي بموجب ميثاق المدينة، استقطبت هامترامك مراراً وتكراراً انتباه وسائل الإعلام المحلية والعالمية على خلفية العديد من القرارات الحكومية المثيرة للجدل، ومن بينها حظر الكتب والمنشورات المثلية الجنسية في مكتبات المدارس العامة، بالإضافة إلى حظر نصب أعلام وشعارات المثليين فوق أملاك ومباني البلدية، وهو ما أسفر عن تنظيم احتجاجات متتالية ضد الإدارة المحلية، إلى جانب رفع دعاوى قضائية ضدها.
كما استقطبت المدينة التي لا تزيد مساحتها عن 2 ميل مربع مزيداً من الاهتمام الشعبي والسياسي في أعقاب الزيارة التي قام بها ترامب إلى هامترامك في 17 أيلول (سبتمبر) المنصرم في إطار حملته الرئاسية التي نالت –في وقت سابق– تأييد غالب، مما مهد الطريق أمام زيارة مماثلة إلى مدينة ديربورن عشية الانتخابات الرئاسية، مروراً بنيل تأييد رئيس بلدية ديربورن هايتس بيل بزي، الذي تم تعيينه الأسبوع الماضي أيضاً، سفيراً للولايات المتحدة لدى دولة تونس.
وفي حين أحرز ترامب قصب السبق في مدينتي ديربورن وديربورن هايتس خلال انتخابات نوفمبر الماضي، إلا أنه لم يتمكن من التفوق على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في مدينة هامترامك مما أرخى بظلال من الشك حول إمكانية احتفاظ غالب برئاسة البلدية في حال خوض الانتخابات هذا العام.
وعلى خلفية رفضهم لدعم الإدارة الديمقراطية السابقة للعدوان الإسرائيلي على غزة، أدى التحوّل الداماتيكي في المزاج الانتخابي لدى العرب والمسلمين الأميركيين بمقاطعة وين، إلى فوز ترامب بولاية ميشيغن إثر تفوقه على هاريس بأكثر من 80 ألف صوت.
وكان الجمهوريون قد سعوا مبكراً إلى استقطاب المجتمع العربي في منطقة ديترويت بعد أزمة كتب المثلية الجنسية في المكتبات المدرسية، وقد استضاف غالب في أواسط أيلول (سبتمبر) عام 2023 مستشار الأمن القومي السابق في إدارة ترامب الأولى، الجنرال المتقاعد مايكل فلين، برفقة وفد ضمّ قياديين جمهوريين وناشطين محافظين لبحث آفاق التعاون المستقبلي حول تشكيل تحالف أميركي يُعنى بقيم «الإيمان والعائلة».
وواصل الجمهوريون تمتين علاقتهم مع المدينة ورئيس بلديتها أمير غالب الذي التقى مؤخراً برئيس مجلس نواب ولاية ميشيغن مات هول، والمرشحة الجمهورية السابقة لحاكمية الولاية في انتخابات 2022، تيودور ديكسون.
وفي حال موافقة مجلس الشيوخ على قرار تعيين غالب سفيراً لدى الكويت، سيتوجب على رئيس البلدية اليمني الأصل الاستقالة من منصبه، على أن يتولى عضو مجلس المدينة خليل الرفاعي مهام رئاسة البلدية مؤقتاً، بعد قرار تعيينه في منصب نائب رئيس المجلس البلدي في شهر كانون الثاني (يناير) الفائت.
غالب الذي بدأ حياته المهنية كعامل بسيط في مصنع للسيارات، كان قد أعلن الشهر الماضي ترشحه للاحتفاظ بمنصبه لولاية ثانية بدعم من الرئيس ترامب، ملمحاً في منشور على صفحته بموقع «فيسبوك» إلى ما أسماها «أدوار أخرى سيوكلها إليه الرئيس ضمن إدارته».
ورغم ذلك، لم يتقدم غالب رسمياً بطلب الترشح لسباق رئاسة بلدية هامترامك بحسب ما أفادت كليرك المدينة رنا فرج لـ«صدى الوطن»، لافتة إلى أن انتخابات العام الجاري في هامترامك ستتضمن إلى جانب سباق رئاسة البلدية، منافسة على ثلاثة مقاعد مفتوحة لأربع سنوات في مجلس المدينة المكون من ستة أعضاء إلى جانب رئيس البلدية.
ورغم أن آخر موعد لتقديم طلبات الترشيح هو 22 نيسان (أبريل) القادم، لم يتلق مكتب الكليرك في المدينة بعد، أي طلبات ترشح لرئاسة البلدية.
Leave a Reply