لندن – قالت صحيفة “فايننشال تايمز” في تقرير مطول إن مستقبل الاقتصاد العالمي يبدو حاليا أكثر قتامة مما كان يتوقع في بداية الخريف الحالي. واستشهدت الصحيفة البريطانية بالقول أن أزمة اليورو تتفاقم لتنخر اقتصاد كل من إيطاليا وإسبانيا وتدق أبواب فرنسا، بينما تعاني اقتصادات الدول الصناعية الأخرى من الضعف وتتداعى لها الاقتصادات الناشئة. كما أعادت إلى الأذهان تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، التي كررت تحذيراتها في أيلول (سبتمبر) الماضي، بالقول إن الاقتصاد العالمي دخل “مرحلة خطيرة”. أما في الشهر الجاري فقد صدقت نبوءتها، وأشارت إلى أن تلك المخاوف بدأت تتحقق وأن تقديرات النمو الاقتصادي أصبحت أقل.
كما تسللت المخاوف إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مما دفع كبير اقتصادييها بيير كارمو بادوان إلى القول “إننا نشعر بالقلق إذ إن السياسيين لا يستطيعون رؤية ضرورة التعامل مع الأخطار الحقيقية والمتفاقمة للاقتصاد العالمي”. ويشارك الاقتصاديون من القطاع الخاص نفس الشعور. وقد خفضت معظم البنوك الكبرى والمؤسسات المالية الكبرى توقعاتها للاقتصاد العالمي.
وقال جان هاتزيوس كبير اقتصاديي البنك، إن نمو الاقتصادي في كثير من الدول الصناعية ستكبحه زيادة الضرائب والسعي لتسديد ديون الشركات والأسر.
وبرغم التوقعات المتشائمة، يعتقد معظم الاقتصاديين أن الاقتصاد العالمي سينمو بنحو 3 بالمئة في 2012 من 4 بالمئة في 2011 بينما تظل الاقتصادات الناشئة تقود عملية النمو هذه. ويتوقع هؤلاء أن منطقة اليورو التي تضربها الأزمة سوف تعاني من انكماش اقتصادها في بداية العام القادم بينما تعاني اقتصادات الدول المحيطة بها مثل بريطانيا من الركود. وسينعكس ذلك على وضع الديون السيادية واستثمارات البنوك مما سيخلق حلقة مفرغة مشابهة لما حدث عام 2008 مع احتمال انهيار اليورو.
لكن البعض يعتقد أن اليورو سيتجاوز الأزمة، ليس لأن السياسيين استطاعوا حل المشكلات العالقة ولكن لتحولها -كما يقول خبراء- من أزمة حادة إلى مستعصية.
أما بالنسبة للاقتصاد الأميركي فإن معظم الاقتصاديين يتوقعون انتعاشا اقتصاديا متواضعا لا يستطيع أن يشد سوق العمل بقوة أو أن يحسن معدل البطالة بصورة ملحوظة في العامين القادمين.
وقالت “فايننشال تايمز” إنه مع بقاء الدول المتقدمة في العالم غير قادرة على انتشال اقتصاداتها من براثن الأزمة المالية العالمية التي حدثت في 2008 و2009 فإن هناك شكوكا في قدرة الدول الناشئة على دفع اقتصاداتها بذاتها. وبعد الانتعاش العالمي الذي حدث في العام الماضي كان وضع الاقتصاد العالمي هذا العام مخيبا للآمال بصورة كبيرة.
Leave a Reply