بعد إفادة هاسبل .. مشروع قرار يدين السعودية بقتل خاشقجي وحرب اليمن
واشنطن – ما إن أدلت مديرة الاستخبارات المركزية الأميركية جينا هاسبل بشهادتها أمام مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ حول مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، حتى تعالت أصوات قادة تشريعيين في الكونغرس للمطالبة بإدانة السعودية بعدما باتوا أكثر قناعة بتورط ولي العهد محمد بن سلمان في الجريمة.
ويوم الأربعاء الماضي، طرح مشرعون ديمقراطيون وجمهوريون في مجلس الشيوخ، مشروع قرار يحمّل ابن سلمان مسؤولية مقتل خاشقجي وتفاقم الكارثة الانسانية في اليمن.
تضمن المشروع، الذي من المتوقع التصويت عليه الأسبوع القادم، أن ابن سلمان كان يسيطر على قوات الأمن وقت مقتل الصحافي السعودي، وبناء على الأدلة والتحليلات المتاحة للمجلس، فإن لديه مستوى عالياً من الثقة في أن ابن سلمان متورط في مقتل خاشقجي.
ويحث المشروع الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي على تحميل ولي العهد السعودي المسؤولية. ويدعو أيضاً المملكة إلى التفاوض مباشرة مع الحوثيين لوضع نهاية لحرب اليمن وإلى التفاوض لحل الأزمة مع قطر، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والناشطين الحقوقيين.
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية السناتور الجمهوري بوب كوركر إنه يأمل بعقد جلسة، أوائل الأسبوع القادم لبحث تشريع يتضمن نطاقاً واسعاً من الجهود للضغط على الرياض، منها فرض عقوبات جديدة ووقف مبيعات السلاح.
وكان كوركر، قد عقب إحاطة هاسبل، أن محمد بن سلمان هو الذي أشرف على عملية قتل خاشقجي، وأنه لو مثل أمام هيئة محلفين لتمت إدانته في غضون 30 دقيقة.
وأضاف أن الرسالة التي بعثتها إدارة ترامب لولي العهد السعودي حتى الآن ستسمح له بمواصلة سلوكه الحالي، مطالباً تلك الإدارة بالتنديد بقوة بقتل خاشقجي، وإلا فسيتعين على الكونغرس التصرف.
ومن بين أبرز أعضاء المجلس الذين قدموا مشروع القرار لينزي غراهام (جمهوري) والمرشح السابق لنيل تسمية الحزب الجمهوري في سباق الرئاسة السناتور ماركو، إضافة إلى السناتورين الديمقراطيين أد ماركي ودايان فاينستين.
وقال روبيو: «ليس هناك شك في أن ولي العهد كان يعلم بمقتل الصحافي السعودي، وتغاضى عنه، وفي أسوأ الأحوال كان متورطاً بالفعل في توجيهه».
السناتور ماركي قال من جانبه: «ولي العهد محمد بن سلمان ليس هو المصلح كما يدعي… وتحت حكمه قمعت المملكة، المعارضة بقوة، واتخذت إجراءات عدوانية ضد جيرانها مثل لبنان وقطر، ما زعزع استقرار المنطقة، وخلق أزمة إنسانية غير مسبوقة من خلال حربها الوحشية في اليمن، وقررت أنها تستطيع ارتكاب أعمال قتل خارج الحدود مع الإفلات من العقاب».
عاصفة انتقادات
خلف أبواب مغلقة، تحدثت مديرة الـ«سي آي أي»، الثلاثاء الماضي، لرؤساء عدة لجان بمجلس الشيوخ، بعد أن غابت عن إفادة أدلى بها مسؤولون في إدارة الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي بشأن السياسات السعودية، مما تسبب في حالة إحباط وغضب تجاه البيت الأبيض.
وذكرت مصادر عدة لوسائل إعلام غربية في وقت سابق أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية تعتقد بأن ولي العهد السعودي هو من أمر بقتل خاشقجي يوم 2 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في قنصلية بلاده باسطنبول التركية.
وبعد إفادة هاسبل أصبح أعضاء مجلس الشيوخ أكثر حدة في مهاجمتهم للسعودية وأكثر قناعة بتورط محمد بن سلمان بقتل خاشقجي.
وقال السناتور غراهام إن السعودية حليف استراتيجي، ولكن الحفاظ على العلاقة معها لا يجب أن يكون بأي ثمن، مؤكداً أنه لا يستطيع دعم صفقات الأسلحة للسعودية طالما محمد بن سلمان في قيادتها.
واعتبر غراهام أن ولي العهد السعودي ليس حليفاً للولايات المتحدة يمكن التعويل عليه، موضحاً أنه يجب التمييز بين السعودية كحليف استراتيجي للولايات المتحدة وبين محمد بن سلمان.
وفي مقال بصحيفة «وول ستريت جورنال»، قال غراهام إن السياسات السعودية في المنطقة تجعل من ولي العهد مصدرا لعدم استقرارها بها، متهما النظام السعودي بازدراء المعايير الدولية بقتل خاشقجي والحملة العسكرية «المتهورة» في اليمن، فضلا عن حصار قطر، واحتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في وقت سابق.
من جهته، وصف زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل عدم الرد على قتل خاشقجي بـ«غير المناسبة»، وقال إن تجاهل القضية غير مقبول.
وأضاف ماكونيل «إحداث شرخ كامل في العلاقات مع السعودية ليس في مصلحتنا على المدى الطويل. نحن نبحث عن رد مناسب لا يفسد العلاقة بشكل كامل. فهم حلفاء مهمون جداً ضد الإيرانيين».
وعبر السناتور جون كينيدي أيضاً عن عدم رضاه إزاء تقديم هاسبل إفادتها أمام نخبة محدودة من زعماء الكونغرس، وأعرب في مقابلة مع «فوكس نيوز» عن اعتقاده بأن ولي العهد السعودي هو من أعطى الأمر بقتل خاشقجي وتقطيع جثته، مطالباً بإيقاع أقسى عقوبة على السعودية.
وعقب إحاطة هاسبل، قال العضو الديمقراطي البارز في لجنة العلاقات الخارجية بوب مينينديز «أصبحت أكثر قناعة بضرورة اعتماد رد أميركي قوي على كل من حرب اليمن وقتل خاشقجي».
وقبيل انعقاد الجلسة، قال السناتور الجمهوري راند بول إنه يجب رفع السرية عن تقرير «سي آي أي» بشأن مقتل خاشقجي، لأن تفاصيله نشرت في وسائل الإعلام، كما طالب وزيري الخارجية مايك بومبيو والدفاع جيمس ماتيس بالإفصاح عما إذا كانا يعارضان التقرير.
كما طالب بول مديرة «سي آي أي» بالكشف عن الصلة بين ولي العهد السعودي وقتلة خاشقجي، وقال إنه من الخطأ أن تتوصل الوكالة إلى خلاصة أن ولي العهد السعودي ضالع في قتل خاشقجي وتتحفظ في الكشف عنها.
وعبّر السناتور الجمهوري عن امتعاضه الشديد لاقتصار إفادة هاسبل على نخبة قليلة من أعضاء المجلس، متهماً ما وصفها بـ«الدولة العميقة» بمنع الكونغرس من القيام بإحدى مهامه، وهي الإشراف على عمل الحكومة الفدرالية.
البنتاغون
من جانبه، قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الأربعاء المنصرم إنه بحاجة لمزيد من الأدلة لتحديد من أمر بقتل خاشقجي.
وأضاف ماتيس «إنني واثق من أننا سنجد المزيد من الأدلة على ما حصل… لكنني لا أعرف ما ستكون ولا من سيكون ضالعاً، غير أننا سنتبعها إلى أبعد ما أمكننا».
وكان ماتيس أكد الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة ليس لديها «دليل دامغ» على تورط ابن سلمان في مقتل خاشقجي.
ويدعم تصريح ماتيس، موقف الرئيس دونالد ترامب، الذي قال إن عناصر وكالة الاستخبارات «لم يخلصوا إلى أي شيء بعد، ومن السابق لأوانه توجيه اتهام لمحمد بن سلمان»، فيما ذكر أنه لا يعرف ما إذا كان ولي العهد السعودي يكذب عليه عندما نفى مسؤوليته عن مقتل خاشقجي.
Leave a Reply