منذ عام 2001، والعديد من القادة العسكريين الأميركيين تعاقبوا على المناصب العليا في العراق وأفغانستان والقيادة الوسطى، التي تتولى زمام الحرب في البلدين. وأُقيل ثلاثة من أولئك القادة –آخرهم كان الجنرال ستانلي ماكريستال- أو استقالوا من مناصبهم تحت وطأة الضغوط. وقد جاء حكم التاريخ على العديد منهم قاسياً, ولم يُحظ منهم بثناء عاطر سوى اثنين هما الجنرال ديفد بتراوس والجنرال ريموند أوديرنو اللذان برعا في استغلال نسيج المهارات المعقد لإدارة متطلبات الحروب الأميركية، على حد تعبير صحيفة “واشنطن بوست”. على أن هذا السجل المتدني من الأداء يثير لدى المؤسسة العسكرية الأميركية تساؤلاً مزعجاً مفاده: ما الخطأ في النظام الذي يفرز قادة كباراً من ذلك القبيل؟ ويقول مسؤولون عسكريون إن كثيراً من المهام التي يضطلع بها كبار القادة العسكريين في مناطق مثل أفغانستان والعراق لا صلة وثيقة لها بالمهارات العسكرية التي ساعدتهم على التدرج في الرتب العليا بالجيش. فالحروب المعاصرة تتطلب من القادة العسكريين الكبار أن يتصرفوا كأنهم ممثلون لأحد ملوك العصر الحديث، إذ عليهم الإشراف على العمليات العسكرية وجهود التنمية الاقتصادية الهامة. كما أنهم يضطلعون بأدوار رئيسية في السياسة الداخلية للدول التي تقاتل فيها قواتهم. وعندما يضمحل الدعم الشعبي داخل الولايات المتحدة للحروب كما هو محتوم، يلجأ البيت الأبيض في الغالب لجنرالاته لإقناع أعضاء الكونغرس والرأي العام الأميركي المرتاب بسياسة الدولة في التعامل مع تلك الحروب. لكن ما يقض مضاجع القوات المسلحة هو أن جنرالاتها كثيراً ما يضطلعون بدور وزراء الظل، طبقاً لواشنطن بوست. ولطالما سقط قادة عسكريون كبار خلال سنوات الحرب التسع ضحايا جهلهم بخبايا سياسة واشنطن والصحافة، حتى أن الأميرال ويليام فالون –الذي سبق أن تولى قيادة القوات الأميركية في الشرق الأوسط- استقال من منصبه بعد تصريحات لا مبالية هاجم فيها سياسة إدارة الرئيس السابق جورج بوش بشأن إيران.
Leave a Reply